نافذة

مخاض مريم


شعر

بلقيس حميد حسن








1998  الطبعة الأولى


دار الطليعة الجديدة

سوريا – دمشق
***
















إهداء

الى مَن تبقى من أهلي...

الى أختي  باسمة......













تهاوين قبل الأوان


في غرفة ٍ للحريمِ
كان الحجاب ُ سميكا ً
وكان التـنصـّت  برغم الحجاب ِ عظيما
فأدرجَ كل الرجالِ ِ مجالسهم
في ثقوب الجدار
بـُحـّت ليالٍ
نادت عيون تلـّمست النهد غضـّا فجـُنـّت
وزادت ثقوب الجدار
....
جاء الصدى فحيحا ً
لرائحة النوم ِ في سيقانهم
ولون الدما

2

أتت أنثى
مخاضا ً كان كالموت ِ
ووقتا ً مظلما ً
حين التقت عين المولدة ِ بذاك الشيء للمولود
تـَخفي مثلما تسرق
تـَـلعنها بتمتمة ٍ
أتت أنثى....

3

فضيلة ُ كل الفضائل ِ
وكل العيون التي لن تريها
عُشبك حين َ هوى
حديدا ً ودمعا ً على عنقك ِ المشرئبة
كي يستدل الطريق
صحتِ
وصار زمانك ِ طقسا ً
لكل ِ العصور
دخلت ِ تقاليد عهد  العبيد
بغرفات ِ كل الملوك
بخمر ِ الفجور
بآه الإله

4

خطيئةُ كل الرجال
خطيئةُ شهواتهم
لفخذ ٍ يصيحُ وخصر ٍ
تبعثرتُ
والشاهد الأول كان أبي
والتفاف العقال
بباحةِ جدّي الذي لا يعاند ..
حين التقى زمانكِ
طارت فراشات من عشقوا
و(زيوس) ما كانَ إلا الجبان
أتى بصغير ٍ فقير ٍ
ووجه ٍ تـَصفـّر َ بالجوع ِ حدّ الجفاف
تلصص َ
أدخله ُ الباب
بركلة رجل ٍ ودرهم
خاف َ الصغير
ولا من مجيب
تلاه ُ بضربات ِ صعلوكه ِ المستجير



كمن يستجير ُ بنار ٍ
وأفرغ َ في وجع ِ الطفل ِ أوحاله
وسفّ سواها..

5

منذُ قرون أعلـّمه ُ الحب َ حتى غارت جفوني
وسيـّان بين الحياة وبين البـَلـَه ْ..
خذوا زهرتي وامنحوني التفكـّر َ والأرق َ المستحب
خذوا حفنة ً من شبابي  لأحيا مع الريح
ساعة تهدأ وساعة  تصخب...
دعوا ثورة الدم بمسرى التباريح
تمطرْ فجرا ً ووردا..
نساء ٌ وحجرات خلف الحديد
رمادا ونارا
نساءٌ
وأقفال أحجية ٍ لا تـُفك
واحجبة ٍ لا تـُشق
نساء ٌ
ودمع ٌ تزيـّن بالكحل ِ
والخجل ِ المستميت ِ
إلى لمسة ٍ من حبيب
.....
نلملم ُ بـُعد الدروب
ونكوى خطانا
لئلا  نؤوب...

6

وفي البحر
أستقرئ العمر
صخبٌ تراكضت ُ فيه .. وحلمُ
أحلم ُ
لم تكتمل نعومة أظفار أيامي َ الضائعات
أحلم بالرقص
يبكي صغيري
حلمت ُ بأني أمثـّـِلُ  في مسرح ِ الثانوية
كما كنت ُ
آخذ دور البطولة ِ
صفق َ الناس
وحين الستار
أفيق ُ
هو الوقت دق َ
ويومي َ يحفل ُ بالطبخ والكنس والـ...والـ...

...

تمزقني أنت َ
يا شبحا ً فيك  الحبيب  تمثـّل
سجاننا والعصور الفريدة
منذ التقيتك َ
حين رضعت َ حليبا مع الذئب ِ
علـّمتك َ المستحيل ولمس ِ النساء.

7

بالثمان زوجونا
عليه ِ الضمان هو الشيخ ُ قال:
ينضج ُ تمرك ِ أقطفه ُ
وللإفك ِ أتركك ِ
أمزقهمُ
إذ لا من شهود
يرون َ علامات حبك  
ومص ّ الرحيق
جمالك يزهو فتيـا ً
وإني لأفعل  ما شئت
كل الزمان لسرتك ِ
وحمرة ِ خديك ِ
نقطف ُ خصرك ِ
ثم نقطف ُ رأس َ المعارض ِ فيهم
أو رأس أبيك ِ إذا كان ممتنعا ً..
هبـّي بكأس الجمال
فكـّي إساري
وصبـّي فحيحك
هاتي لدانة عمرك ِ
كيما  أتيه وأنسى العجائز
أنسى موات الجسد.....
حميراء أنت
أزحت الستائر عن هوس ٍ وجنون
وأغلقت بابا ً على سر ِ ماض ٍ رهيب
فلولاك
ما كان إلا المقدّس,
والصوم  والبلل اللا محبب..

8

أفتش عنك ِ بكل العصور
أراك ِ تخطين دربا ً
مع الفجر ِ للنصر ِ أو للهروب
أراك ِ
حين يقول ُ لها في الظهيرة
تبيعين كل خوابي اللبن
تعودين عند الغروب
وجيبك ممتلئ  بالنقود
وإلا .....
........
.......
دروب المدينة ِ تأكلها
تكسدُ تلك الخوابي
فينزلق الثوب برعشة تاجرة ٍ للجسد
تبيع اللبن
تبيع سواه...
يولجه في الغروب
بأثمان خمس
أو ست (مغلية ٍ ) * للـّبن
هلم ّ, صار َ المغيب
تأخرت ُ
دعني
أبي يقتلني
خذ ْ نقودك َ
أخرج  شيطانك َ  اللا  يكل  ولا يستريح
.......
......

وتـُطرق ُ كالصلب ِ
حين َ المصانع  تبغي اللحاق بركب ِ الزمان.

9

وكنت ُ استمعت ُ لها يوم قالت:
افتحي منخريك ِ
شمـّي هذي القصاصات والشَعر بعد احتراق
ضمـّي هذي الرقية تحت الوسادة
حين يعود ُ دعيه ِ يضاجعك ِ في الصباح
مع الديك وإلا...
سيرفع ُ عنك  الإله حياتك
بعد عام ٍ تموتين حتما ...

10

لماذا لا تغتسلين
كما الأخريات بماءٍ مقدس؟
أنت ِ عقيم
وزوجك ِ يرنو لطفل ٍ
يورثـّه العصبية واحتقار النساء
أو الضرب بعد انتهاء الطقوس؟
لماذا تنامين غرثى قرب المرايا؟
كسرت ِ جمالك
حين انتهرت ِ الشفاه ولم تصبغيها
ولم تضعي في الوجه ِ بعض َ البياض...
حمارك ِ من جبهة ِ الموت عاد
يمد ّ اللسان َ ببعض المساويْ
خوفا ً عليكِ
حديثكِ مع جارتكِ البارحة
كان سخيفاً
فلا تشتكي
وسدّي نوافذ سرّك
أنت أنثى
عليك التصبـّر والصبر والاصطبار

11

يزفونني
خائفة ً من الموتِ
لزوج ٍ تزوج َ أختي قبل عام ٍ .. وماتت
ذاك المكان
ذاك السرير
ننام جميعا
وذاك الجسد اللاهث في مرض ٍ لا يعالج
خمسة أولاد وأم
وأب ٌ أصيب َ بنوباتِ داء
تدخل حلمي
تأخذ ُ منه ُ المكان
والألفة الدافئة

12

وأنت َ تزوجت َ منذ سنين
أخوك َ
تزوج َ بعدك َ
لديه ِ ثلاث
هل في حري  بعض النساء ِ حَجرْ؟
........

توجعت  ُحين ولدتك َ
ثلاث  ليال ٍ أعض ّ ُ اللحاف
وأصرخ وحدي...
كان َ الجميع ُ بعيدا
وفي الغربة ِ برد  
وعينا حسود ٍ يسود

13

.يقول ويشهق من حبـّهِ
كل ُ الإناث  تـُعدُ  وتـُحصى
وأنت التي لا تـُعد
ولن يستطيع الرجال
رؤية كل النوافذ ِ بنجم ِ سماك ِ
وزهرة ِ قلبك ِ.....
يطرح ُ عنها الحجاب
هلمـّي إلى كأس ِ خمر ٍ
دعيني أصلي أمام ضيائك
من رآك ِ يصيرُ نبيا ً
ويتبع ُ عشتار حتى الممات...
وينفرج ُ الباب عن هيكل ٍ
فيه أشجار تنورة  ٍهفهفت في الخيال
أحب ُ الثياب النسائية
دوما ً بها كل لون ٍ
وكلُ حنين ِ الطفولة ِ
ألعاب كل الصغار
فيها الشوارع في العيد تلهث ُ
فيها الربيع تفتق َ
فيها الفراشات سكرى
وفيها الورود تلوّح
أن ْ تعالوا
هنا الحب ُ
والأمل المزدهر

14

تسللت ُ قبل الحنين اليك ِ
وها أنا ذا مشرك ٌ بالنصوص..
لك الله يا قمراً في الشتاء
ينام ُ وحيدا
مع البرد ِ والرغبة ِ القارصة
تـُترك سبع سنين
تحضن أقوالهم
في عصور ِ تشتـتـنـا
وعسر ِ النضال
فلسنا القديم
ولسنا الحديث
كانت....
كجمرة نار ٍ
فيها العطور ُ تقول:
صعب ٌ أعيش بلا يد حبٍ
وملقى حبيب
تقول وتبكي
بأني أحبـّه ُ حتى
تداعيت ُ من سفر ٍ وقفار
وأنـّي اعتركت ُ كثيراً
لأقفل َ مفتاح قلبي عليه
وأسمعه ُ
يفرش ُ ثوبا ً لأنثى
يعاقرها من وراء الصخور
صوت اللهاث قوياً..
كانت
كزهرة حـُب ٍ تخص ّ النوارس
سيـّجتها أقاويل مَن لا تشتهيه
وأنا كذلك
دوما نـُحارب ُ حدّ الخضوع ِ
أو الانتحار
.......
........
أتكفي عطورك ِكي تستريح على ساعديك ِ النوارس؟

15

تجيء بلا لغة ٍ أو كتاب
حياة ُ المدينة ِ فيها الكثير
فيها النساء تقصّ ُ الشعور وتمسح ُ بالعطر كل الجسد
سجينة ُ منزلها والطبيخ
وحين تزوج َ إحدى الأقارب
دعتها العروس
لتسريحة ِ شعر ٍ
أبهجتها المرايا
وكثرة ضوء المحل ِ
وبعض الشعور الجميلة ِ
حين َ التقت ْ بالعطور
لأول حين قالت :
أريج ُ الجنان هو العطر ُ
أطيب من حنـّائـنا والبخور
عادت ْ
وفي الليل
تشمم َ عطرا ً
تشممهُ, بأمكنة ٍ وليال ٍ
هاجَ  وماج َ
كبحر الجنون
يابنة الـ...
فيك ِ رائحتهن
بغيّـا ً تصيرين؟
تجيئين منهن؟
تنامين قربي!!!
سأقتل فيك الإناث
وأقتل عطر البغايا.و..و..و
وبعض بقايا.......

16

تقول ُ نضجت ُ
دعوني أنام
أمدّ الأصابع ساعة شئت
أكوّن عرسي بناموسيتي والبياض
أزغرد ُ صمتا ً
أوزع ُ حلوى من الرغبات ِ
على جسدي في الفراش
أحس ّ ُ ساعة َ يهجم ُ سِحر الجسد
أن البراكين َ في الجلد ِ تسري
أكاد ....وماذا؟
كلـّي يريد التحرك
كلـّي يريد التفوه
أخشى وأخجل
أنتم نيام ٌ بقربي
وإني أختٌ
وهذا أبي في الفراش ِ وأمي

17

ها هي تجلس ُ عند السرير
ترقــّع ُ فقرا ً بلون الثياب
تدندنُ
(جم  دوب توفي يا لوح *
مدري أدكنـّك  دكن
مدري أشربنـّك فوح)
هو العيد جاء
بزوج مريض ٍ يريد حساء
وأطفال جوعى
فأين الجديد؟
وأين الفرح؟
وتأتي كبيرتها في المساء
في يدها كتب ٌ
يـُعدم ُ قارؤها
يقطـّع إذا ما اكتشفوه
حليمة؟
تريدين موتي؟
هاتي الشياطين أحرقها في الظلام
وأحرق رأسك ِ إن تقرأيها
إلهي
أأذوي من الفقر ِ أم في السجون؟
أذلك عدلٌ؟
وتجهشُ
مثل رقيق ِ الزجاج
يـُكسـّرُ في صدرها ويـُدك
على جرحها ببرود

18

وها هي َ
تبغي الحديث عن العلم ِ
ساعة َ ترتعش الأمنيات
تكونُ  مهندسة ً
أو
وجاء النهار
استعارت كتابا
رآها ابن عم لها
أراد تملكها مع خرافه ِ يوما
رآها
فثارت سياط ٌ
وفاحت عفونة شيء عتيق
رأها تكلـّمُ غير النساء
تطلب منه كتابا
دارت ظنون وطارت شرور
رآها تحلق ُ في حلم ٍ
عسير ٌ عليه
بماذا يفكرُ؟
في خضم ِ سيول التصوّر
تصوّر
ماذا تصوّر َ؟
ليس إلا فراشا ً
رقصا ً, وسرّاً خليعاً
أين رآها تشحذ ُ عقلا ً لأرض ٍ بوار
رآها وسكينه ُ في يديه ٍ
ها هو ذا
بانتظار المخيف
وها ماؤه العكرُ
لا بدّ من اصطياد
يجز ّ ُ الـ...
دَمٌ
دَمٌ
دَمٌ  في البراءة ِ...

19


قوانينكم والشرائع ُ صفرُ
هو الرأس ُ يصعب ُ أن تراه
بلا جسد ٍ في الخلاء
هو الرأس ُ فيه ملكوت الخيال
وفيه العيون
هو الرأس
يصرخُ
أين البشر؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟



لاهاي /هولندا 1997
* مغلية : كلمة شعبية عراقية في مدن الجنوب  بمعنى وعاء اللبن الرائب
* شعر شعبي عراقي يرددنه النساء الفقيرات من شدة العوز



في هذه البقعة من الأرض

يغريني اغتباطك َ
نقترب ُ
حكايا الأمس أقول وتسمع ...
تكشـّـفت لك أسراري
بريئة
مرجانية شواطئي
الآن  هي  لك
تدعوني بأسماءٍ أحببتها
تكتب لي
تحيط صورتي ضوءا
تتعبدُ
وتدّعي الجهل بي
أين كنتَ؟
كيف اتفق وفارقتك آلاف الأعوام
أتتذكر؟
حين الطوفان
وحين السفينة
أردنا معاقرة الحب
قال أتونابشتم لا تفعلا
الرجل الصالح قال:
خصوبتكم عظيمة
خصوبتكم.....
تسللنا
بين الأحياء تسللنا
تقافزت الأرانب
داعبتنا القطط
أفرحنا الجسد

........

معا احتمينا بجذع نخلة
يوم عاد ٍ وثمود
ريحٌ
الأجساد يباب
تشققت الأرواح
ونحن ذهول
علـّمنا الهول...علـّمنا
فأنطقَنا بعض مراثٍ

....

أتتذكرُ؟
عند مدخل باب عشتار؟
قلت لك:
اهجر المعبد
إنفض عنك بخور الآلهة والحق بي
يومها قلت:
شعرك يمدُ جسورا والمعبد يغرق...
أين غادرت ثوبك القديم؟
أتتذكرُ؟
بالنول نسجت لك سروالاً ابيض
كانت النعاج بحديقتنا
تلدُ خرافاً بيضاً
أعجبني لونها
لونها يشبه روحكَ

.....

وقبل الميلاد
حين أمعنـّا النظر في القمر,
ليلة الخسوف
قبـّلتني واجهشت بالبكاء
قيل حدثٌ آتٍ
كان الرطب ُ يسـّاقط جنياً
عندما تراكضنا نلملمهُ
سمعنا بكاء طفلٍ
وحفيف ثوب امرأة ٍ تنسلُّ
مثقلة ً بالأفكار.....
أتتذكر؟
معا صلينا
يوم كان الدم يقطر
لم ننم ليلتـنا
الريح
المخاوف
وضميرهم  يئن...إذ كان الصلبُ

.....

معا أرحنا الخيول في حرب البسوس
ومعا هدهدنا الجروح
وأحصينا الأوزار

......


كنت تضفر لي عقدا ً
ساعة رأينا
خيط الدمِ المنسلِ
من عرق طرفة بن العبد
كان يشرب الخمرة..... ويموت
امتد ّ دمهُ خارج الباب
لامسناه
بأصابعنا لامسناه
فصار ختما ً
على جبين القبيلة

...

رأيتك َ اليوم
كما بهاؤك
حين تدفق زمزم
شرب العطشى قراحاً
ضحكَ طفلٌ
ابتردت قدماه..فاستراح
في حضن أمه استراح
.....


طفلة ٌ أنت ِ بعمر التاريخ تقول
من أين لك ِ هذه العذوبة؟
أنسيت؟
حين في البراري...سمعنا عويل خمبابا
انطلقنا نبحثُ عن قافيةٍ
كانت أصابعك تمسك خصري
قفزتُ أنا...دفأتـني
نلتصق فأجد القافية...

...

ها عيناك تختصران الأرض
لونهما يوصل القارات
كم سافرنا مشيا على الأقدام
من آسيا إلى أفريقيا
من أفريقيا إلى بحر الشمال
الدنيا أمان
وحوش ٌ ومخالب جوارح ٍ وحيـّات تلدغُ
نصاحبها في الطريق ونسير....
عذرا
تداخلت التواريخ
الذكرى قبلاً أو بعداً
أتتذكرُ ؟
بناء الأهرامات؟
السوط
الحجر
النار
كان العبيد يهلكون
هل تتذكر العبد؟
العبد الذي حمل الحجارة .. وبكى
الحجارة ثقيلة
أرهقت قلبهُ
فأقعى ومات....
كنـّا والدموع مثقلين نعود
تقول اللعنة على الملوك
اللعنة على القسوة..
ألمس ُ دافئة يديكَ
وديعة
كما قبل آلاف العوام
قامتك هي هي
روحك مرحة
لونك الحنطي
أين كنت؟
من أرخى عليك ظل البقاء؟
أحدثك الآن
تستجيب
تركب الخيال
حيث نسير في البادية
برقا يمر أمامنا الشنفرى
يسبقنا, يحيينا بتلويحةٍ
نتذكر لاميته ُ
تـنعتـني بالمتعصبة
أقول لك قوله:
(وأستاف ترب الأرض كي لا يرى له
عليّ من الطول امرؤ متطاولُ)
كيف لا أتعصب لهذا؟
لم َ لا تختلط أمامي التواريخ؟
سنيننا تلك..تمتد أمامي
متأخرة
متقدمة
أتذكرها, أتذكرك
متأملا مغمض العينين
أحلامك تدخل الأزمنة
وها أنا أتذكرها
زمنا ً زمنا ً
..
أتـتذكر؟
حين القيامة
الشقراق يبكي.............(.في المثيولوجيا العراقية القديمة هناك طير ملون لازال
منه في جنوب العراق له صوت بكائي كأنه يبكي صارخا  يا جناحي يا جناحي)..هامش
لازال يصرخُ
يا جناحي ويطير..
..
وحين طلعنا
أنا من نخلة
أنت من غصن زيتون
كنـّا نضحك
ترقص الأشياء من حولنا
قلت لي :
ها أنت كما أردتك
قلت لك:
ها أنت بكل ما أحببت

...



أتتذكرُ ؟
شمش هاسير؟*.......   ............(وزيرالزراعة أو مسؤول الأحراش في القانون
لبابلي القديم)
حين أعلن قوانين الأحراش
ممنوع أن يُقطف غصنٌ
ممنوع أن تـُقتـَلَ نخلة
الآن
ها أنت تهاجر
الغابات تصحـّر
العطش ذئاب
فاطلبني حين الشوق  يموء
بلمسة إصبع
تتفتح أبوابي والشعر سهول..
يا خوفي
نعبَ غراب
غراب قبله ُ نعبَ
على شفا جيرون.
(  بعد مقتل الحسين جيء بالرؤوس والسبايا من كربلاء الى الشام وكان يزيد بن معاوية يجلس على شفا جيرون يرتقب مجيئها ولما بدت قال :(  لما بدت تلك الحمول وأشرقت×× تلك الرؤوس على شفا جيرون ××× نعب الغراب فقلت قل أو لاتقل××××فلقد قضيت من الرسول ديوني).. هامش

جيء بالرؤوس
عُـلـّـقَ رأس الحسين
بباب الجامع...عـُلـّق
ارتعب الأطفال
قيل لهم لا تبكوا
ناموا فالوسائد تبتلع الخوف
ترنحَ الرأس أمامهم
في شيبته المخضبة ترنحَ
يصرخون
يُرمى بين أيديهم كرةً
كونوا رجال حضارتنا.....

.........

وحين طلعت النوارس
كنا بجانب النهر
قلت : الربيع قادم ووجهك يشتعل
عند القمة تلاقت وردتان

...




أتتذكرُ؟
عند البحر
انتحرت الحيتان
معاً انتفضنا
ومعاً دُهشنا
الطبيعة تبدلت
والمياه أخرى
نمضي..
نأتي على آخر حلم
طِماحٌ ممزق ٌ وصعاليك
القوة تمد ُ مخالبها
تسحب من تحتـنا الأرض
أشباح تقنية ٍ تقضّ مضاجعنا,
وتقولب الأطفال

....





أتتذكرُ؟
زلزال مدينتـنا
سمعتهُ الكلاب قبل أن نشعر..
هرَبت
فلمَ نحن ذوي العقول..... ننام؟
تكومت البيوت
سُعدَ الموت
أسقط التماثيل ونصب ّ الجثث...
وحين حريق النخل
أ ُطلـِقت الشعلة
اسودت الوجوه
تنفس النخيل ثقيلا ً
شحبت خضرته وبالأرق أ ُصيب
نادى
يا فسائلي انهضي, جذوره تئن
مَن سمع َ الأنين
ترى هل سُمع الأنين؟
شطـّت الأفكار
كيف تقفل الأفواه
وأفواه الأحقاد فاغرة؟
الساحات
الزوايا تُعلن تكسرها
بباحات القهر الأسود
والظالم يضحك....


.......


الله.....يا وسائد عينيك
حين الملم شوقي
صوتك عبر الدنيا يهدي إقدامي
أعرفه ُ شرف الروح وأعماق الرغبة

....

للدنيا مسلكها اللا معروف ولي أرضي
تتطاول أو تقصر
أتذكرُ..هلا تتذكر؟
دروبنا من السامرة حتى بابل
السياط مشهورة


نذوب
نتناقص
نهوي
ولم أنس يومها
قلت
سيتكرر المشهد يا بلقيس
سترينه في زمن آخر
لن يؤلمَ ضمير الدنيا
...وجاء الحدسُ
فلسطينيةٌ أقدامنا
عربية لغتـنا
غريبة سياطهم
كان السبي ّ
نحو مشارق ومغارب السنين
مرّا
متوحشا
وقاسيا
في الرحلتين
كم أحزنني صوتك
أنا أنت مسبيان
قلت لي هامسا
خائفا
متلفتا
ليست الأخيرة يا بلقيس..
وجاء الحدس
ركضنا
بلغة أخرى ركضنا
بملابس براقةٍ ركضنا
هلـَعنا يصعدُ جبالا ً
ينزل وديانا ً
غازاتهم تسبقنا
وأسلحتهم تحصد ُ...
ركضنا
تركنا الصغار على صخرة في العراء
لنحيا
بلا إرث أو ذكريات....
أُغلقت الدروب
من جبال العراق
حتى قلاع القمر
يسقط الثلج منـّا
نـُباد ُ
ذبابٌ ضارٌ
نـُباد ُ

بالسموم نـُبادُ
بأسلحتهم الكيماوية نـُباد ُ
عرب ٌ
كرد ٌ
ترك ٌ
فرس ٌ
وبدون
أقوام ٌ تعترك لتحيا
وجيوش ٌ تعترك لتـُقـتل
والحب يدوم....

هولندا 1997











من ضحايا شهريار

تحفرُ بعينيها الآتي
تـُحيط الروح تعاويذَ
وبخورا من خشبٍ يحكي..
تمشي عند رمال البحر
حين تعود السفن تنادي....
في فجوات الدنيا ضاع نداها
تـرتـد ّ
تقول سلاما
تركضُ في أرض أخرى
فلاحون بلا تعب ٍ
تحلمُ
بنخيل ٍ يهتز ّ, يغني
تحلم
بأوان ٍ من خزف ٍ أزرق,
وأناشيد رعاة سكرى
تحلمُ


بشبابيك نهار
تبدأ منها الدنيا
تطفح بالرغبة ِ
ترفع عينيها لطيور ٍ تهجرها
الكل ُ يطير إلاّها
في ماض ٍ ما
طيراً كانت
رذاذ الفجر ِ يداعبهُ
تحلمُ
تحلمُ
تحلمُ بالفجر
ويأتي السيفُ......


هولندا1997
.....







مليك الكلام

كتبتها عام 1994 بعد أن استفزتني  قصيدة الشاعر الكبير نزار قباني (الى امراة
لا تقرأ ولا تكتب)  والتى هي احدى قصائد ديوانه خمسون عاما في مديح
لنساء,  ولم أرسلها للشاعر  بسبب ظرف خاص بي وقد نشرتها في مجموعتي
لثانية (مخاض مريم)   فالى روحه واليكم جميعا..

أأنت نزار؟
مليك ُ الكلام ِ
تريق ُ بحارا ً من الحب ِ ليلاً نهارا
على جسد ٍ لا يثور؟
فأي الخطايا
وأي الرزايا
يُـسطـّـر ُ في دفتر ٍ للمديح؟
تضخّ ُ دماك َ على ركبتيها؟
دماك َ
تواريخ  كل النساء
صهيل ُ خيول ِ الفوارس فيها
وحرب البسوس



دماك َ التحدّي ولون العناد
وآفاق مستقبل ٍ لا يزول
روح ُ القديم ِ ولون الجديدِ
فأي اهتزازٍ لعرش ِ المليك وأي انهيار؟
وتنزف شعرا ً لذاك الجليد؟
تنزف ُ شعرا لذاك الجليد !!
وشعرك َ ربُ ّ الحرائق ِ ربُ ّ المطر
يقيم ُ قيامته كل يوم
ويدعو لجنــّاته ِ من يشاء
ويدعو لنيرانه ِ من يشاء
يُحمـّلُ وردا ً لكل القلوب
يــُقـدس ُ عند الصبايا
ويـُقرأ ُ همسا ً  أمام المرايا
ويوضع تعويذة ً للنساء
ليـُبعد عنها برود العروق
ويوقد َ فيها جنون الدماء
وفي أبحر الخوف
أو في الزحام
ننادي عليك



عطاشى أغثنا  إله الكلام
وإنّي
لأدمن ُ شعراً
وأدمن ُ عشقاً
وأدمن ُ حيرى
أقد ّم شكوى لكل ِ النساء
وأدعو الضحايا لرفع الدعاوى
وبدء الخطر.

.......


تقولين .. لا
حين الذكرى بالنسيان امتزجت
كان َ التاريخ ُ بلا تاريخ
نتشابك ُ
كما كنـّا نتشابك
نريد ال..
ولن يحدث



لوني عربيّ ٌ
عيناي من الماضي تأتي
تتلصص ُ
التاريخ ُفعل َ فعلته .. ورحل
عقد حبالنا وانصرف
حيث مقابر اجدادي
الكل رحل .. وبقيت
يسألني كأسي
لِم َ تقولين لا؟
الكل ينتظر وتقولين لا؟
ادركت ِ الوحدة قبل َ أوانك
ها خصرك يتلوى لحنان الرغبة ِ
وها صدرك يعبق ُ
تخبئين ماذا
وتتركين ماذا ؟
تخافين مِمّ َ
الدنيا .. هيت لك ِ
أتخافين َ وعصفورك يحكي
أتخافين َ وأجراسك ِ ترن ّ ُ؟
زمانك هذا
ماذا تنتظرين؟
الريح
أم الدفء بوحدة يوم ٍ شتوي؟
؟
؟
؟
إنتظرني
قرب المدفأة غدا
ونكون...

1-12-1996














اللعبة


النجمة ُ  في البال ِ أطلــّت
أطفأت ُ الجمر ومزقت ُ مفكرتي
دعكمْ
فالريح ُمراوحَ ذريـّة
وعيون عصافير الجنة خرزٌ
كل قناطر أيامي ضاعت
حتى علـّـقت ُ الساعة
من عرقوبِ الزمن المأفون,
وجدت ُ اللعبة مسروقة.
........
........
يا هذا الزيف
بأذيال الإنسان, توحـّد
أنفاسك فاسدة ٌ
وأنا مرات أغتسل ُ
ببياض الروح
أزف ُ الجسد المذعور, وأبكي
الحب ُ طيور برّية
وصليب الحب فضاء
يقلب قلب الأرض
وناموس الأكوان
عذريتنا!!!
هزائمكم في التأريخ
أترون؟
بأن المخدع في اللغة
قريب لمخادع
ولمخدوع..
تصدأ كلماتي في سري
أتشمم عنقي وعطوري
فأحس الشوق , كما الطوفان
ولا أدري
هل أصحو والسيف بخصري
أم أحلم ُ بالشك
وبالمقل السود
أدسّ ُ جنوني؟ ....


2-2-1996




وأعشق

دعوني  اُغنّ
أفزعتـني أيامكم الرتيبة
عاقلة
مستقيمة
باردة
أتقلقكم براءتي فيصعب عليكم التمييز؟
تلجؤون لقواميس أعرفها منذ دهور
وأعرف رائحة أوراقها الصفر
أعرف حكمة كونفوشيوس
وأقوال بوذا , وآلام فرتر
أطلقوا أجنحتكم السجينة لتفهمني
لتسمع صوتي
فكوا سلاسل سحنتكم,
عودوا لطراوة الأيام,
لفتنة عناد الآباء



هكذا أنا
راقصة أعواد قلبي
محكومة بالعشق مدى الحياة
تتآمرون علي ...وأعشق
تقتـلون أيامي.....وأعشق
تسرقون أفراح طيوري....وأعشق
تجتمعون جميعا لتخيطوا لي عباءة سوداء,
تلفـّون بها بياضي....وأعشق
تنسجون عني الأقاويل,
تريدون استباحة بهائي....وأعشق
تطرقون بابي  لتدخلوا عليّ  القلق...وأعشق
تستفزونــنـي
يرتفع صوتي مقاتلا:
الحب فوق كل القوانين...

1997







قمري

أبحث في الوجوه
عن قمر ٍ
ما صد ّعته ُ جبهة الرياح والأقوال
ولا اشتراه ُ مشتر ٍ بمال
عن قمر ٍ
يُسحرني ويوقد النيران
عن قمر ٍ
لا يكتفي بضوئهِ
يعاند ُ النهار
عن قمر ٍ
معشوشب الخريف
غناؤه ُ دموع
ودمعه ُ قـُبل
عن قمر ٍ
قلبه عين الشمس
وبين كفيهِ اهتدت قوافل النجوم
أبحث في الوجوه
في العيون
في الفراغ
عن أمل ٍ
يوقظُ  ليل الصمت
يمزق السّياق َ والمعتاد
في واحة النارنج
ويعبد ُ الحياة....















ميـّادة حنـّاوي

أفق ٌ أخضر
يمتد أمامي.
فأضيع ويبقى الحلمُ
الحب وخجل الشرق
عيون الشوق بأزمان التأريخ..
ميادة غني
نورٌ
سطره ُ الجبل القاسي
في صخر ِ دمشق
وباحة سلطان الأمويين
صوت ٌ ينشد يأتلق ُ
أمام هفوات الكون
وسر ّ خطوات العالم
نحو الخطأ
لقرارات الأمم
ومجالس طغيان الدنيا
أشرد ُ
في أفلاك ٍ تبرق ُ بالدفء
تنادي
لنغن ِ
نحن العرب المسروقين
جهارا ونهارا
نرفع أعلام الحب ِ
على بوابات مقابرنا
نعلـّق ُ باقات الآس ِ
لنطرد َ أشباح َ الماضي
لنغنّ
فالورد
حتى الورد بحدائقنا يعلم
أنـّا نقطفه ُ للشهداء اكاليلَ
يـُذعنُ
يقدّم أعناقاً غضة
وعصافير الحارات
تبوح ُ بأسرار الهجرة
ترمي حبـّا ً للأيتام.. تنوح
لنغن ّ
نحن العرب المقهورين
بأروقة الأصنام
وسراديب سجونهم ُ
نلعق قصاع الغرباء
ليبقى النفط بخزائنهم
حيث ُ نجوع
لنغن ِّ
هاتي ميادة ما عندك
لنعترف َ
بتقارير دوائرهم
فالأوراق اختلطت
والقاتل ُ والمغدور ُ شهيد
غنـّي ميادة
خذينا
من دنيا الأرض
لأنـّا في زمن ٍ
يتجمد ُ فيه الإحساس
ويصعب ُ حدس الآتي
هاتي الخضرة من عينيك ِ
وغنـّي ..
هولندا
10-7-1996






شحوبكَ

شحوبك َ أطلق الذهب في القلب
ينحت الله ما يشاء
وينحت تمثالا ذهباً
يطلق فيه الروح
ويأسر قلبي...
تدعوني التحرر من حبك
لأحيا دون قيود
ويرش لونك على قلبي ماءً
كيف الذهب يعطي ماء حياة؟
....
اليوم تهالكت عليك
تراكضت غزلاني صوبك سراعا
ابتذلت ُ الروح
لمستك َ





عَبرت المتعة حدود المعقول
وضاعت قوانين الجسد
سكرى كنت ُ
أريد أن أخبئك َ
بين ذرات قلبي
فأين موضعي
وفتات روحي تتطاير
بين فسحات  أنفاسك؟

1998
هولندا











الحرمان

بيني والحرمان وفاق
عقد ٌ أبديّ لا يـُـنـقض ُ
بيني والحرمان ليالٍ
تأكلُ عينيَ وتسترخي
بيني والحرمان وفاق
يخطف ُ أحلامي
أدفنها
حلما
حلما
أغمض عيني
حين أرى الشمس بأعماقي  تومض ُ
أستنجد ماضيا قد مات
وبقايا قلب محزون
يلهث ُ
يسألني




أهذا آخر نزفي وحنيني ؟
أسجدُ
أتـلو أشواقي
أبحث عن مثوايَ النائي
وأتيــــــه.....


4-6-1997














الزورق الوحيد

يتعكز على نزيفه
يدخل واحات سيـّجها آخرون
يتقاطر على عمرهِ
يدنو من الحائط
يكاد....
تصدمهُ الآذان
تستجدي الماضي
حين كانت سمعاً وحكايا
..
هلا  عُدتَ من أبهتك؟
هلا ازدريت تراجيديا
رسموها
صوّروها
شبحاً للبكاء والتيه؟




هلا امتـشقت شفاها
قادرة على إيوائك؟
تـند بني !
حين التهافت عليّ
أسمع عويلك
أعمدتي سمرٌ وأقرب إلى الحياة
لا تعذل موتي
فالعذاب أن أولدَ وأسمع عويلك...
تتطاحن  حفناتي
موقنة غروب النور
الخمرة تسقيني اليقظة
أسمع عويلك
تهزمني الدروب
هاهي حبات اللؤلؤ
الضائعة
إذ الليل يطفو بزورق وحيد





يسمع عويلكَ
تجيء الدمعة
التفتُ
فإذا خيولي عُقرت,
وفاضت دمائي....


15-8-1996















سنوات المرافيء

حديد ُ المحطات ِ,
ينث ّ حنينا ً,
دما ً
جمـّده ُ وداع المرافيء
واجتياح ُ الهدير ِ....
دماً قانياً
في بياض ِ الهوى
يخط ُ عبير الرؤى
لروح ٍ سيـُعلـَن ُ عنها عمّا قريب ٍ
وروح ٍ تظل ُ بقلب ٍ دفين ...
هي الزمن ُ الضاع َ مني
رقاب الليالي المدلاة
اجتراح الأمل
بينا يشفُ
وبينا يغيم ...

هولندا
21-10-1996



ماردة الحب

تسكنني أشياء
الحب ُ
فيء نخلنا
وعودة النوارس
أقر ُ أنني شاهرة أوراقي العقيمة
أهدد ُ الأعراف والطقوس
أستل ّ من عيونكم
دهشة أو أقوال
أقر ّ ُ  أنني
أستنزف الليالي الطوال
أراود القمر ْ
أقر ّ ُ أنني
أقبع تحت ظلــّكم
جارية التأرجح الطويل
جارية الضباب حط ّ َ بحره ُ
بين جفون الشفق الآتي
وأوحال العتيق
أقر ّ ُ أنني
ماردة الحب التي تظمأ كل يوم
وأنني
خائفة
تائهة
جائعة
أصوم أيامي وأقتات الألمْ


هولندا 4-1997














عيون أحبـّائي

عاد َ النورس ُ
من رحلات ِ الأمس ِ
وهاجر َ قمحي
شجرة الميلاد تنحـّت
وعيون احبائي جاءت
إبقي.. إبقي
حتى ينساب الدفء
وتنفتح سرايا الماضي
إبقي
فالليل وحوش ٌ ومواقد جن ّ
نامي في رعشة دنياي َ
وهاتي الجمرة َ أمسكها وأغيب
إبقي
حتى يهدي الموج ضياع القش ِ
فالغربة ضعف ٌ وتحد ٍ
والفجوة بينهما ظل ّ ُ
لِمَ لا؟
هل حانت لحظة مشنقتي؟
وأنا وحدي
أتلاعب في هجر الروح ِ
إبقي
يا ريح أحبائي إبقي
فالمنفى ثلج ُ...

5-12-1996
















عطور الياسمين

عبث الشوق كما الطوفان يهدر
وأنا
بعت ُ حنيني بمساءات لقاء
زارني حبك َ فانهالت عطور الياسمين
فوق َ أغصان فؤادي
دع ْ فراشاتي َ تلهو
اسقني
جف ّ رحيقي
حين قربت َ لظى كأسك َ منـّي
اقترب ْ
قرّبت ُ قاموس حياتي
واقتطف ْ باقة َ زهر ٍ
عل ّ بردا في عظامي يتمرد
لا تلمني
فانا مزّقت عمري
ثم أشعلت ُ فوانيس جديدة
اقترب ْ
وليعلن الناس حدوداً
سوف نروي
كل أوراقه ِ في الليل
وفي الصبح ِ .. قصيدة ..


هولندا 1997

















شجرة تين

في الحفرة التي أضاءها
زرع َ وردا ً ليستقبل َ جثته
على الرخام ِ
وبالحرف الكوفي
نقش اسمه ُ
قص ّ من عمره ِ ثلاث سنين
حين َ طمأنه ُ الطبيب اقتراب الأجل
هيأ جوانب َ الحفرة
أعطى الحانوتي بخشيشاً
أحس ّ بالسعادة
فقد جهزَ موته
انتظر عاما ً
انتظر عامين
في العام الثالث . .. تزوج
في العام الرابع
احتفل َ بعيد ميلاد ابنه
أحضر له ورداً
من بائع ورد القبر نفسه
في العام الخامس
نسي َ القبر
في العام السادس
وفي قلب ِ الدار
غرس َ شجرة تين ٍ وباع َ القبر..


هولندا 1997
















سر ّ الريح المجنونة

يا حد ّ الخنجر
صديء أنت فلا تقطع قلبي
عاشقة لي قمرٌ وجروح....
أغربْ
يا هذا الملتف بشوك الليل
وأحلام المعتوهين
وحدي أعرفُ
سر ّ الريح المجنونة
أعرفُ
كيف يشيبُ النرجس,
ينتحرُ العطر
فيوقظ شوك الأيام
أعرفُ
أن الأرضَ تميد




لو جبل الحب
تهاوت منهُ رمال
وتلاشت حبات الروح...
وحدي أعرفُ
لون العينينِ حين سقوط الأقنعة
وأعرفُ
حين يمد ّ جسوراً  نحوي
ويخون سواي....


1996











بشيء من أقواسكَ

متى ألتـف ّ بحنانكَ فأمسكُ الزمن؟
ها أنت ذا محيط دائرة
وأنا المركز
تحيطني ولا تلمس
أراك والطريق عسير
أكادُ استظل بشيء من أقواسك
يلكزني اسمك
تآلفت الليالي ورنينك
تزاوج الإثنان وبقيتُ وحدي
تعثرُ أنتَ على أحرفكَ... وأفقدها
تقولني
تشطرُ أفراحي, بساعاتٍ ما زالت بـِكرا
تباركت الينابيع
وتبارك جبل الشوق
أسألكَ أن ترجمَ خوفي
لنعزف الألحان...
28-2-1997




وتستحلفني

يوم ناديتني

إمرأة كل العصور
أسرجتُ أيامي ونأيت
....

من بين زفرات الليل
ارتفع صداك
كل النساء , أنتِ
ارتعشت ُ
خططت على صومعتي
ممنوع الدخول
وأوصدتُ كواي..





تسللتَ لي ذكرى
تقولُ
عشاقك يتآمرون على بعضهم
وقلبكِ بعيد
تبدلين نارهم
بابتسامةِ أطفال
يهوون في وادِ الدهشة
يكتشفون
أنكِ طفلة
متهمة زوراً
بالخيانةِ ولعبةِ الجسد...
وها صمتك البليغ
أريدكَ أقول
وتستحلفني!!!
أريدك الهج ُ
وتتوثق من كلماتي
آتية لحظات الشوق
وآتية ليالي شهرزاد..
دعنا والناس





املأ كأسي
خمر القوة دفئا يعطي
والشموع التي اشتعلت ترقص ُ
أنت
أنا
نستريح على همساتنا والعيون ..


1-3-1997

هولندا












أزيحوا نعشي عن أرجلكم

أهتزُ مثل قشةٍ
في بحرٍ لا لونَ له
الحطام ُ جارف ُعناي يحارب
أجرجر رؤاي المتعثرة
ستائر العمر تمسك بي
ستائر حديد..
لا تعرف الجنون
مهجورة روحي
تكاد تستسلم لحوافي الألم
ولضيم النهر المباح
سنابلي تطايرت بلا حصاد
مثل نوى التمر
أسف ّ ُ الصبر وعذوبة  ماء القلب






رأيت – وأنا السجينة –
بطاً آمنا
حين اقتربت جحافلهم
عرف البلوى
همس َ
ما يريدون بنا؟
الصمت سيد الغباء
بريئة منه
يا سادتي
أزيحوا نعشي عن أرجلكم
لأقص أظفار القلب وأحلم بالمجهول..

هولندا
1995








في كبد النسيان

وأملك الرحيل والضياع
يبتزني الحزن مع المساء
الموت أقرب الأشياء
فيا رياح الموت أرم ِ قاربي
برغبتي أموت
أكون في شمسِ الرقاد مستحيل
والليل في الصحو وفي الجنون
الخمر لا عشّ ولا صغار
عار ٍ أمامي
لاهثاً
يريدني عروس
الكلّ يستريح
وحدي أنا
ذاكرتي مضاءة الشباك
عذابي الوحشي كالخيول لا ينام




لا تستغث يا صوتي الجبان
وأنت يا إنسان
يا راقداً بداخلي
قد ننتهي
بصفعة
بصفعتين بعدها ارتياح
وتستفيق
طحالب الأحلام في القبور
والندم الممقوت راحل بلا محال
الندم الراكض في الدرب يصيح
الندم الآكل عمري في المدى يذوب
الندم العابث في الحب وفي الجنون
فيا رياح الموت
ارم ِ قاربي
في كبد النسيان  كي أنام ..


14-11-1993





تنويعات

1

الصخرة التي انضمت إلى البحر مؤخرا
تحاشت الشموخ...
خريفكَ أسميته ُ فرحا ً
وأيقنت ُ أن الأعشاب المتكسرة
تستميت أمام الطوفان ..وتنهض

2

تفاجئني معجزاتك َ
ساعة اعتلائي عرشك
تتسابق حيرتي
أمحو الأفق بيني وبينك
إذن قريبا ً .. سأصل ْ

3

أوثقوا أنهاري
إني اجترحت ُ جرعة حب ٍ
لن أظمأ بعدها أبدا

4


يبزغ لحنا ً
وزغردة إحساس
هل أتصنـّم ُ
في حضرة الآلهة قربانا ً؟

5


فقدت ُ ساعة صدق مقتنياتي
وجدتها بعد حين منسيـّة
إلا
من روح ٍ ظمأى

6

تلقفوا ورودي المبعثرة
فالمساء يأزف بالكؤوس

7

تـُعلن طيرانها أمام السجون
تقول:
ها أنا ذي.. فانتظروني

8

تساميت ُ حد ّ التلامس ِ معك
افتضحنا
فحبك َ أرجوحة لن تنام
وأسأل ُ؟
أي الأماكن لا تستوي ونحن ُ معا ً؟

9


أموت ولن أطلق حرفي
إلى الملأ الذي لا يهيم
بدنيا التشهي ولمس الزمان..

10

حيث أشياؤك َ
رحيقاً أعصرها
تهمس ُ
أنت الورد المطلق
حتى آخر الدنيا

11

تتوالى علي َ
أستقر ُ في كأسك
تهم ّ
يناديك حنين
أتجمع في مآقيك رذاذا ً
أتوق لصيرورتي دمعة
يدخل التكسر في القلب
تجتاحنا لذة الغناء
أعود
ودمعة لن أكون

12


الجلا ّس
والصخب يعزف ُ
هل أتفرد بالصمت ؟
ومن أين لي كل العقود الحجرية لأصمت؟
كم من الأشياء استقرأناها
أنا واللذة فيك
وما أن حان عيد الأضواء
استراحت
باسترخاء المسامات

13


تفاجئني إقحواناتك
فتـيّـة لا تملّ الطرب
لها أشرعت سماواتي
وها ألف جناح للشهوة
أتلوّى
للذة أقدم عنقي
وأهيم..

14

تتهافت نيراني
أصعد ُ
أينع الأنين
نقطف ُ
أمازجك وبدرب الأبدية نسير...


15


تتسامى العزلة
وصهبائي خيلُ
الساعة أني ..لما أنجز ..وما لم
الساعة
يا صخبي امتد
بحنـّائك اقفز ْ
درعي أنت ولعناتي
حين الشوق بلا أظفار ينام...
16


ساعة أجثو لفرحك
تطيرُ البلابل
وتفاحتي تتألق

17


دخان سيكارتكَ حاصرني
أنا وحدي
بين موسيقاك والثريا
أشربُ خمركَ
تشربني اللفتات
أحط ّ على رؤوس أجهلها
فأمضغ اسمي..

18





حانت لحظاتي
تناثري يا عطوري
وانبثق يا اله اللذة
فالليل صحو..


19


زمامك يفلت في كأس خمر ٍ
فأتبعه بارتخاء
نغني مواويلنا
ونرقصُ حد ّ انهيار الخجل
تقول دعي الكل
هاتي نعاسك ِ
تحملني مثل طفل ٍ
ليأخذ كفي الإله
يقبـّلها ... ويغيب
20




في اللامستراح الذي,
تفتـّق عنه الزمان الرديْ
يذوب الكثير
وتشمخُ بعض ورودٍ
ونهر يداري التردد
يسمحُ لصغيرِ النبات
حياة القنوطِ
على ضفتيهِ .. كلاجئ
لا بالقوي ولا بالضعيف

21


قميصك يراقصني
تستعبدني ألوانه
لأعيده إذن لسلالات المجد

22




الأسود في شعرك َ
يفاتح شفتيَ الحب
يعاقر خمر الأسطورة
هل أعطيه الخلود
قبل اكتمال العمر ؟

23


سقطت الأوراق
المجلس ينفض ّ
عن سحنات ٍ كلـّت
أبقايا النيران ؟
أم جذوري؟
انطفأت في الكأس الفارغ؟

24

عندما المرأة
يـُدهشها عشقه ُ
تعود للصلصال الأول

25


أدرك ُ أن الفجوة بيني والجسد
مجرّات
لكن ّ حدودي تنهار ...


26


لي جذوتك َ
التزهق أبراجي
أستغفركَ
وبين أصابعك أصلي


27


غداً
يستوحش ُ عصفوري
رفيفه ُ يقلق المعتاد
أين أخبئ  رعشاتي ؟

28


أكتبُ
لشرفتك َ  تشرأب ُ قصائدي
إذ لواحاتك  عسل ٌ لا يـُقاوَم..

29


يا نزيفي
أستر الجبين
فالحلم لم يكتمل
وأنـّـاي َ تتعثر..

30


أحمل ُ جسدي
أحدثني
لكن الطريق طريق
والمسافات ريح....

31


الفراغ الذي يقف بيننا
يعاندني ببلادة
أنا القادرة على سحقه كصرصار.

32

تتمنطق ُ بجروحها
تعدّها
جرحا ً
جرحا ً
إنه النصر
في ساحة الوجود

33


لا تنهر دوافعي غير العاقلة
فالثمر الناضج
يدرّ عصيره ُ
قبل القطاف..


34


انتظرني ساعة إسقاطات المطر
املأ شفاهكَ رذاذا ً
سيصلني  عبقك َ
قبل الهواء المحيط..


35


في الأفق الممتد رسمت ُ نخلة
في الساعات الأولى
اخضرّت
في الأيام الأخرى
طلـّعت
في الصيف
صوت أمي ينادي
هزي النخلة
أهزّها
يسقط ُ الرطب
في حديقة بيتنا القديم..

36

خذني حيث تتوقف الساعة
تنسى اللحظات موقعها
والأرض بيننا ورقا ً تصير..

37

إلحقْ بي
جس ّ فرحي وادخل
لك وحدك َ
أوقدت ُ مجمرتي
وأشرعت ُ النوافذ..


38

مد ّ  لي كفكَ عبرَ البحر وآعبر
لمسة  ٌ أخرى وتنهال الحرائق..

39


على البعد أستحضرك َ
ساعة أشاء
وأحفزّ ُ بدفئك ثوراتي..


40


الطائر الذي أضاع السرب
أدركته الوحشة
انتزع قلبه ُ
ليصنع منه رفيقا .. فمات

41


نقاؤك َ هدّم كل الحواجز
أقامَ حواجز وردٍ
هل أستطيع قطع الطريق
على  كل وردة؟


42


يقول انشدي أسطرا ً
تستقيم جنونا ً بأيامنا
وشمسا ً تخاف التحدّي
قولي أحبكَ
حتى تذوب بقايا السنين

43


فتحت َ ذراعيك َ
واحتضنت َ الألم
ذراعاكَ ملأى وروداً
ذراعاكَ ملأى وطن
تعثرت ُ في خطوات التصو ّر عنكَ
وأقفلت ُ بابي..


44


حين الجياد امتطينا
هفـَت سمانا تنادي
خذوا نجومي ولوني
فالوقت فينا سيبقى...

...1997

.............انتهى........