نافذة

سكبتُ روحي وقُضيَ الأمر Print

سكبتُ روحي وقُضيَ الأمر


بلقيس حميد حسن

 

هل يستطيع المرء قطع قلبه؟
أرغمني القدر على هذا الجرم 
لكنني ما قدرتُ على فعلهِ
واخترتُ التماهي في الكون .
سرتُ نحو اللامرئي
أوزع ملابسي وأغراض بيتي 
وفي كل قطعة أتخلى عنها، 
أحسبني أقرب الى الفراشات 
رأيتُ النجوم بروحي
قال لي :
ألا تحتاجين صديقاً وكأسَ نبيذ
قلتُ:
لي نبيذي وفضائي الرحب
فمن يذوب بالكون لا يقنع بما هو أدنى
أملكُ كل شئ بشرعتي 
ولا أملك بشرعتكم شيئاً 
لديّ طيور حرّة تنتظر خبزي
أسعدها فتسعدني
تنتظرني في الشرفة كل يوم
تزورني وتصفق الأجنحة بوداعي
لا أطمح بأكثر من هذا
آسفة صديقي
صرتُ لا أشبهكم
لا بحزني ولا بفرحي
بكيتُ سنيناً على وطن ٍ يجهلني
بكيت لمن لا يعرف دموع غربتي 
ولا لهفة روحي
شربتُ نخب متآمرين عليّ
أعرف غيرتهم وما بدواخلهم 
أبتعد دونما عتبٍ أو كره 
وإذا أخطأت غضباً أو قسوتُ بالكلمات  
سهرتُ الليالي وحدي، 
أتوسّل روحي لتنسى شرورهم
اتخيلهم وأبكي 
أغسل خطايا غفلتي بالدموع
ألبسهم ثياباً بيضَ بروحي 
كي أقدرَ على مسامحتهم
حتى ضعفَ بصري
يسألني البعض :
لماذا كلما تكبرين تشرقين أكثر؟
إنهم لا يعلمون عنائي 
يجهلون وجعي من أجل البياض.
أتهمني الدنيويون، 
اللاهثون وراء المال والسلطة
قوّلوني مالم أقلْ
وملّكوني ما لم أملكْ،
يصدّقهم العامّة
فلهمُ صدر المحافل
ولي الغربة
ماذا تريدون مني بعد؟
لم يبق لدي غير وضوح رؤياي
وإشراقة وجهي
خذوا كل شئ ودعوا لي خلوتي
لن أطمح بما عندكم
ولستُ راغبة في شئ
فقد سكبتُ روحي وقُضيَ الأمر ..

24-1-2018