نافذة

أيتها العراقيات، حطمن قيودكن Print

 

أيتها العراقيات، حطمن قيودكن

بلقيس حميد حسن

في هذه الأيام حيث التظاهرات ضد الفساد تشتد، وتشمل الكثير من مدن وقصبات العراق، يرتفع صوت الشعب مناديا بإحقاق الحق الذي غاب، والذي عانى منه العراقيون عقودا ومنذ مجيء البعث المجرم للسلطة، وحتى اليوم بظل حكومة المحاصصة والطائفية، إذ تواجه كل مطالب الشعب بالصمت المطبق وتبقى الوعود غير متحققة، ويزداد الكلام المعسول، وتنتشر الفوضى أكثر، يرافقها تسيب أمني مروع تضرب به الانفجارات حيوات الأبرياء في الشوارع العراقية، أو تمزق حيتان البحر وأسماكه أجساد الذين حاولوا الوصول الى بر آمن يبعدهم عن الذبح والتشرد تحت همجية عصابات داعش، أو العذاب والعوز والتهميش الحكومي للغالبية الفقيرة وغير المنتمية للأحزاب والتجمعات والتنظيمات التي تفتت وحدة العراقيين وترمي بهم نحو الموت والخراب لوطن أحبوه وعشقوا تراب شواطئه، ونخيله، وهواءه، حتى طغى الحنين والحزن على سمات العراقي أينما ذهب وأينما اتجه وكيفما كان...
تحت هذه الظروف حيث لم تنفذ متطلبات الشعب، وحيث تقدم الحجج تلو الأخرى، من عدم وجود الميزانية والمال أو سواها، أتمنى أن يضيف الشعب مطالب لاتحتاج الى ميزانية، ليسقط حجج الحكومة ويكشف نواياها وعدم رغبتها بإحقاق الحق كتغيير القوانين لصالحه ومتابعة تطبيقها...
كما أتمنى على المتظاهرين وهم يطالبون بدولة مدنية، أن يساندوا النساء العراقيات وهن يشاركنهم التظاهرات من أجل الضغط على البرلمان لدراسة قانون جديد للأحوال الشخصية يساوي المرأة بالرجل في الحقوق المدنية جميعها، ويرفض العادات التي تجعل المرأة سلعة بيد ذويها أو زوجها، اذ لادولة مدنية دون حرية للمرأة ومنحها ثقة التحرك في المجتمع من أجل حياة منظمة سعيدة للعائلة ومستقبل الأجيال المقبلة.
أتمنى على العراقيات الثائرات اليوم، مطالبة البرلمان بتشريع قانون يجرم كل من يسيء للمرأة أو يسخر من اختيارها لحرية ماتلبس( السفور مثلا)، أو يتعدى على حريتها في الشارع او الدوائر الرسمية وفي كل مكان تعمل وتوجد فيه، وأن يكون هذا القانون مدعما بمؤيدات جزائية أي عقوبات صارمة، يطلب من السلطة التنفيذية متابعتها عن طريق صيغة يحددها البرلمان بتضمين واجبات رجل الأمن حماية المرأة وحريتها أينما تكون، أي، أن يكون كل رجل شرطة بالشارع مسؤولا عن حماية النساء مهما كان شكل ملابسها طالما لايتنافى مع روح العصر والحضارة والمدنية التي كانت سائدة في بلادنا منذ فجر التأريخ والتي تمتعت بها المرأة العراقية في أربعينيات وخمسينيات وستينيات وسبعينيات القرن الماضي.
إن النساء في عراق اليوم لايملكن حقوقا تساويهن بالرجل، ولا يملكن في ظل التخلف الاجتماعي والتعصب العشائري الذي ساد بمجي الأحزاب الإسلامية للسلطة وباستغلال فقدان الأمن أي أمان واحترام لإنسانيتهن، فقد انتعش قانون العشائر بكل ظلمه وغمطه لحقوق المرأة، وابتعاده عن روح العدالة الاجتماعية ومتطلبات العصر، فانتشرت الزيجات غير المتكافئة، والزيجات على أساس تبادل الأخوات(كصة بكصة)، وعدنا الى عادات بادت كالفصلية التي تعتبر المرأة مالا محرزا لذويها الذكور، يتصرفون بها ويعطونها بدلا عن أخطائهم وجرائمهم كقتلهم لشخص من عشيرة أخرى.
ان المرأة العراقية تشارك الرجل اليوم في التظاهرات والاحتجاجات في كل العراق، وتعاني من القهر السياسي والمدني وشحة الخدمات كالرجل، لكنها تعاني من القهر الاجتماعي الذي لايعرفه هو، فقد عادت كل العادات المتخلفة التي ناضلنا سابقا ولانزال من اجل منعها وانهائها، وناضل قبلنا الرعيل الأول من النساء العراقيات المتنورات من أجل تغييرها، واستشهد الكثير منهن تحت مذبح الحرية والمطالب المشروعة لكل انسان.
لا أريد هنا أن أذكركم بالقوانين والمعاهدات الدولية التي تدافع عن حقوق المرأة وتطالب الحكومات بتنفيذها، لأن الأمر لم يعد خافيا على أحد بعد هذه الغضبة التي يهتز لها الوطن اليوم بسبب انتهاكات حقوق الانسان العراقي، ولأنني أنظر للعراقيين على أنهم أول شعب منذ بدء التأريخ خط المواد القانونية وخلق النظام، وما المدنية سوى القوانين والأنظمة التي يلتزم بها الناس ليتعايشوا مع بعضهم بسلام وعدالة ورضا..
ايتها النساء العراقيات
لاتتركن حقوقكن وحريتكن، فانتن اليوم في وضع صعب لاتملكن به أي شيء، ولن تفقدن بتمردكن على هذا القهر أي شيء سوى قيودكن والإهانات التي توجه لكن من أبسط رجل وإن كان مجنونا أو تافها أو معتوها..
اصرخن بوجوه المتخلفين وسارقي قوت الأطفال من الفاسدين:
لا للتحكم بالمرأة وحريتها
لا لقانون الأحوال الشخصية البالي والمستمد من شرعة القرون الإولى
لا للانتهاكات ضد النساء والتعدي عليهن في الشارع
لا للسخرية من تحرر المرأة والضغط عليها بحجة الدين

 

نشر في الحوار المتمدن

17-9-2015