نافذة

"هروب الموناليزا " لبلقيس حميد حسن كتابة البوح، أو عزف القهر و حكيه.. ذ: عبد الهادي نعيم Print

"هروب الموناليزا " لبلقيس حميد حسن
كتابة البوح، أو عزف القهر و حكيه

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ذ.عبد الهادي نعيم

سأعمل على تقديم كتاب "هروب الموناليزا" من خلال قراءة العتبات النصية التي على الدفة الأولى للغلاف، لن تكون القراءة لهذه العتبات كنصوص مستقلة و بالتالي السعي وراء آثار المعنى على سبيل الافتراض كمداخل لقراءة النص، و إنما ستتم القراءة من الداخل نحو الخارج، أي قراءة العتبات على ضوء النص و استكناه البيانات الدلالية و الفنية التي تؤشر عليها.
العتبة الأولى: بلقيس حميد حسن.
تستقر هذه العتبة في أعلى الدفة الأولى للغلاف محيلة على الكاتبة المنتجة الواقعية للكتاب، و حسب نص التعريف، و الذي تم إدراجه (لقصد فني) في نهاية كتاب "هروب الموناليزا" تحت عنوان "محطات من السيرة الذاتية" طيلة الصفحات الممتدة من الصفحة 271 إلى الصفحة 275 ، نشير إلى المحطات التالية من سيرتها:
•    المولد بمدينة سوق الشيوخ بمحافظة الناصرية بالعراق.
•    النشأة وسط عائلة شعرية، و الأب كان شاعرا يلقن الشعر لأبنائه.
•    شاعرة منذ الصغر، و حازت مجموعة من الجوائز خلال مرحلة الدراسة الثانوية (رفضت إحدى هذه الجوائز و كادت تعتقل بسبب ذلك عام 1977 )
•    إنتاجها الشعري يمتد عبر دواوين: اغتراب الطائر (1996)، مخاض مريم (1997) و أجمل المخلوقات رجل (2012).
•    انهماكها في كتابة روايتها الأولى، و ديوان شعر جديد و كتاب حول المرأة.
•    ارتحالها عن بلدها العراق عام 1979 بسبب الظروف السياسية و دموية النظام الديكتاتوري إلى لبنان محطتها الأولى، ثم مغادرتها إلى سوريا مضطرة إبان الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982 ، لتستقر بعد ذلك بهولاندا منذ عام 1994 .
العتبة الثانية: هروب الموناليزا.
الهروب هو الفعل المؤطر و المحرك لباقي الأفعال في النص. إنه الانتقال القسري من مكان الضيق إلى أفق الرحابة و الاتساع. إنه حركة الجسد و الروح بعيدا عن ملاحقات النظام الجاثم بأطره و قيوده السياسية و الثقافية.
الموناليزا هي الذات الهاربة و الذات التي غيبتها الشهادة. هي الاسم المستعار حبا (موناليزا سامي الخطيب)، الشاهد ضدا على الغياب الغادر. الذات المعار منها (موناليزا أمين) استعارته هي الأخرى دفعا للقهر و عذابات الحب الأزلي. و في تعدية التعريف (من العلمية إلى التعريف بال) تحضر اللوحة الشهيرة للذات الضاجة بالمفارقات الهاربة دلالاتها، و في ذلك إحالة فنية على معاني الذات النصية   الهاربة، الممنوعة، المرتعبة، الحائرة، الطليقة.

العتبة الثالثة: بوح قيثارة.
البوح هو الفعل المؤطر للحكي/ او تحديا إعادة إنتاج الأفعال حكيا. إنه الانتقال بالأفعال و الأفكار و القيم من الوجود الكامن المغلف المغشى بأستار الكتمان إلى الوجود بقوة الفضح و هتك حجب الروح و أستار الجسد التي تشكلت عبر الزمن " جبالا من القهر المسلط" . البوح تصريح بالرأي كسرا للعبودية الحقيقية حسب تعبير أرسطو الوارد بالنص.
القيثارة قيثارتان، فالبوح بوحان.
قيثارة تبوح عزفا هي سومر " الآن أحاول أن أسجل موسيقاي وترا وترا، لابد لي أن أبوح بما يعذبني" (ص: 95).
و قيثارة تحول العزف حكيا هي موناليزا سامي الخطيب، و هي مختبئة بالمنزل السري تكتب/ تحكي فشل محاولة هروبها الأول، قذفت القلم بعصبية "متذكرة جميع النساء اللواتي قتلن، و اللواتي عشقن، و اللواتي تألمن، و قهرن، و سحقن، و ضاعت أعمارهن بين الجدران و عتمة التقاليد بلا بوح و لا اعتراف.. أين إذن ما نخبئه بخوف؟ أين ارتجافات القلوب و شهقات الأرواح المنتظرة؟ " (ص: 15)
القيثارتان كلاهما تودان البوح.. و التقت الرغبتان، فجاءت العازفة باكية إلى الحاكية طالبة منها أن تكتبها، قائلة "أكتبي كل قهري، قولي لهم بالكتابة كل شيء عن معاناتي، فمهما كانت عذاباتي، ها أنا أسمعها قبل أن توضع على الورق، مثل رنة موسيقية سجنتها أفكاركم كشكوى مخنوقة." (ص:    )   
القيثارة التي تعزف "عبثت أناملها بالأوتار" منذ الطفولة، حتى أصبح العزف عشقها الأول الذي أجل معنى الحب بين رجل و امرأة. و كان الهروب/ الهجرة إلى أوربا "انتظرت طويلا، و فعلت الكثير كي أرحل عن بلدان التعصب و القهر الاجتماعي، لأحرر أوتاري بموسيقى صدحت داخل روحي منذ الطفولة" (ص: 33) لتبوح بسر الجمال/ جمالها الذي ظل طي الكتمان مغلفا بالقبح الساذج الوهمي و بالقهر و عتاقة مفاهيم الأهل الذين ما كانوا يشيرون إلى جمالها أبدا؛ ذلك "أن البنت يجب أن لا يقال لها إنك جميلة، بل على العكس يجب أن تعلم أنها قبيحة و غير مرغوب فيها من الرجال، حتى لا تستقوي بجمالها و تأتي بأفعال لا يرتضيها المجتمع، فتجلب العار لأهلها" (ص: 59). غير أن الخيال الفني الحر يبوح عزفا و ينفض عنه ثقل القيود، يجن بالسماء و النجوم و يعشق الأعالي، يتطلع إلى ما وراء الستارة فتنكشف الرؤية عن امرأة جميلة و رجل عاشق "كانت تتخيل عالم ما وراء الستارة، فتتصوره محاطا بالأسرار، كل ما في داخله ساحر، امرأة فاتنة الجمال تتنعم بالحرير، و ترقص لحبيبها، ثم تقدم له الشراب من فرط السعادة، سكرى بشراب العشق.." (ص: 61).
حين كانت الهجرة كانت الحرية  و جاء البوح العصي الملتاع ليجسد فلسفة القيثارة العازفة/ سومر في الجمال، فكانت كلما استحلفت بالله عن السر في سحرها و جمالها، كانت تجيب "لاشيء سوى الحب و الموسيقى" (ص: 55).
ثم يتوالى العزف بلحن لم يكتمل/ كغيره من الألحان، إنه لحن الحب المستحيل، و الزواج السري المزور بالحبيب المراوغ المتزوج بامرأة أخرى، و ولادة طفلة منه، ثم يسترسل العزف بمعاناة التخلص من هذا الحب المذل عبر البوح بمسارات الحزن و الانكسار و الارتجاف و الحيرة و البكاء و الضياع، ليعلن الحبيب المراوغ الرحيل إلى غير رجعة، و تعلن سومر الحقيقة الملتبسة قائلة:

" الآن أعترف أمام الكون، و أمام الزمن، و أمام عمري الضائع و خساراتي، و سأعترف لطفلتي لاحقا: أنني لم أفهمك حتى لو بقيت معك مائة عام أخرى. فأي بشر أنت؟" (ص: 256)
تستمر حياتها بعد محاولات الانتحار الفاشلة، ثم تهاجر إلى بلد أوربي آخر لتؤسس لتجربة جديدة في النجاح والفرح بعشقها الأول: الموسيقى، و الاهتمام بطفلتها دون أن تكل في البحث عن الحب لأن ـ تقول ـ "السعادة هي الحب بالإطلاق، و السعادة هي الحب حتى تنتهي الحياة على الأرض" (ص:259)
و لذلك تعلن في بوحها لموناليزا " آه يا صديقتي، لقد نسيت كل ما يجعلني أنساه. إنني أحبه و سأحبه حتى الموت" (ص: 259).
القيثارة التي تحكي، تحكي مسار هروب وقعته عزفا على خمسة أوتار: وتر هارب، وتر ممنوع، و تر مرتعب، و تر حائر ثم وتر طليق.
العزف على الوتر الأول بوح بمحاولة الهروب الأولى. محاولات الهروب الثلاثة كانت بدافع واحد هو "العبور إلى بلد مجاور .. هربا من موت محتم" (ص: 13)، و العبور في حد ذاته ركوب للمجازفة بالحياة في ظل الملاحقة و المنع من السفر من قبل الحزب و الحكومة المستبدة ضدا على قيم التغيير و الحلم بالانخراط في الدفاع عن حقوق المرأة في عالم الميز و سواد الأيام.
تفشل محاولتا الهروب الأولى و الثانية على صوت ضابط الحدود "موناليزا سامي الخطيب.. أنت ممنوعة من السفر"، و في المرتين معا تعود القيثارة إلى بغداد للاختباء مع مجموعة من أصدقاء النضال بمنزل سري مع هواجسهم المعذبة.. و هكذا يسترسل العزف/ البوح/ الحكي على أوتار المنع و الارتعاب و الحيرة، ليتم وضع حد لمسار الهروب من خلال العزف على الوتر الأخير/ وتر الحرية و الانطلاق. و يكون عبور القيثارة التي تحكي فتقول" حسناء أكرم صادق هو إسمي الجديد، و أنني امرأة لا تعرف شيئا عن السياسة و المعارضة و تبتسم بسذاجة" (ص: 263)، إذن كان العبور بهوية مزورة يوم 5 آذار 1979 ؛ حيث في هذا اليوم حدق بها ضابط الحدود و غازل حسنها، ثم جاء صوته: "حسناء أكرم صادق، لا يوجد إسمك في المنع، تستطيعين السفر و نتمنى أن نحضى برؤيتك في العودة.."
فهل ستعود موناليزا سامي الخطيب إلى الوطن؟
قبل ذلك أدركت سومر فداحة الغربة عن الوطن و الأهل، فهل عادت هي الأخرى؟
في الوتر الشهيد روت القيثارة أن سومر "أرادت أن يرى من بقي من أهلها ابنتها الجميلة. أرادت أن تقول إنني لم أفشل في الحب... أرادت رؤية تراب الوطن الذي دمرها غيابه" (ص: 260).
يوم 9 ـ 11 ـ 2005 وصلت سومر إلى الأردن مع ابنتها لقاء، نزلت بفندق قررت أن تبقى فيه ليلة ذلك اليوم لتنطلق في الغذ إلى أرض وطنها الذي تحب " في ذلك اليوم ارتسمت البهجة على وجهها و هي ترى الموسيقى تصدح في حفلة عرس لم تكتمل" (ص: 261).
لم يكتمل العرس..
لم يكتمل لحن سومر..
لم تكتمل رحلة زيارة الوطن..
لم يكتمل عمرها الذي لا يعرف اكتمالا للأشياء..
دوى انفجار أحزمة ناسفة بالفندق "و انفتحت أبواب الرعب و النار و الدماء. تمزقت أشلاء الناس، تطايرت الطفلة لقاء قطعا معجونة بدماء سومر" (ص: 261)
العتبة الرابعة: فصل من سيرة ذاتية للكاتبة و لنساء عرفتهن في طريق الحياة.
تضعنا هذه العتبة في عمق سؤال الشكل؛ حيث تقرر انتماء الكتاب إلى جنس السيرة الذاتية، و في ميثاق هذا الجنس يكون المحكي مرتبطا بذات الكاتب حكيا و فعلا، لكن العتبة، من خلال بنيتها التركيبية القائمة على العطف بما هو إشراك في السمات الدلالية و التركيبية، تعلن عن إدراج سير نساء أخريات يشاركن الكاتبة في محكيها الذاتي. فهل نحن فعلا أمام سيرة ذاتية؟
إذا تأملنا الشريط اللغوي للنص عبر امتداده الذي يصل إلى 270 صفحة، نجد أنه قد تم توزيعه تقاسيم على أوتار موضوعاتية بلغت 27 وترا، تم توزيعها بدورها، حسب موضوع الحكي، على ذاتين، هما:
•    أوتار الساردة/ القيثارة التي تحكي/ موناليزا سامي الخطيب، و عددها خمسة أوتار.
•    أوتار القيثارة التي تعزف/ سومر، و عددها 23 وترا.( مع ملاحظة أن الوتر الهارب المتعلق بحادث هروب موناليزا الأول يرتبط أيضا بالمحكي الأول المتعلق بسومر)
و إذا تأملنا موضوعات الأوتار، سنجد أن أوتار الساردة ينصب العزف فيها على مسار الهروب بمحاولاته الثلاثة و كل ما تعلق به (ضباط الحدود، و حملها و رحيل زوجها، و الضابط الذي أواها في بيته و زوجته و بناتهما، و ممثل الحزب بالمنطقة، و سائق الحافلة الذي تحرش بها، و عودتها إلى المخبأ السري و أصدقاء النضال و الرجل الذي هربها و الموظف الذي ساعد في ذلك..). أما أوتار سومر فقد امتد خلالها العزف على طول حياتها؛ منذ طفولتها، و عيشها ببيت أسرتها و بيت خالتها و تعلمها الموسيقى و حبها لأبيها مرورا برحيلها و استقرارها بأوربا و زواجها و طفلتها و انفصام حبها، و محاولات انتحارها و هجرتها إلى بلد أوربي آخر و تألقها في الموسيقى.. ثم محاولة العودة إلى الوطن و الاستشهاد.
إننا مع الساردة أمام فصل فقط من سيرتها هو فصل الهروب.
أما مع سومر، كإحدى النساء اللواتي عرفتهن الساردة في طريق الحياة، فإننا أمام سيرة حياة كاملة.
فكيف يستقيم انتماء الكتاب إلى جنس السيرة الذاتية؟

مدخلنا في تمحيص هذا السؤال هو إعلان الكتابة المرفوع قبل الأوتار، و المعنون ب"ما قبل البوح" أو على الأصح "ما بعد البوح" ما دام النص يتقدم كتفكير في البوح و شكله.
يعلن هذا النص منذ البداية، و دون تأخير، تدقيق دلالات عتبة الشكل تقول الساردة/ الكاتبة: "سنبوح، أنا، و هي، و هن. سنبوح نحن نسل حواء، الخارجات إلى الدنيا من أضلاعكم. سنبوح، لكن، حتى بوحنا لا تنتظروا أن يكون حقيقيا و تاما.." ، و نقرأ أيضا:
"قد تختلط عليكم شخصياتنا، كما اختلطت عليكم معرفة مشاعرنا و تحيرتم. هل نحن بشر أم أقل من بشر؟ و قد يرى بعضكم نفسه في بوحنا هذا"، ثم تضيف:
"إليكم أوتارنا التي فاق عددها الحد، أنا أو هي أو هن. كلنا نمتزج ببعضنا في بوح قد يتعبكم حينما لا تعرفون من تتكلم عن ذاتها و من تتكلم عن الأخرى. أو حين تتشابه عليكم الأزمنة و الأماكن"
بالتأمل في هذه الملفوظات يمكن أن نستخلص ما يلي:
•    نص يحكي سيرة جماعية لنسل حواء. نص كاشف لسيرة الروح و الجسد الأنثوي.
•    البوح/ الحكي لا يعد بالحقيقة و الاكتمال.
•    تداخل الشخصيات و الأزمنة و الأمكنة و اختلاطها على المتلقي كما تختلط عليه معرفة المشاعر.
•    التباس من يتكلم مع من يعزف، أو التباس الذات الحاكية مع المحكي عنها.
و إذا أضفنا هذا كله إلى إعلان الساردة في الوتر الهارب تقمصها لشخصية سومر كتابة، تقول:
"سأكتبها سأكون قلمها، لسانها، قلبها و فكرها. سأكتب حياتها أوتارا أمزجها بأوتار حياتي و معاناتي، و حدودكم و ممنوعاتكم. سأمتزج بها لنكون عودا واحدا مربكا و منهكا كعودها الذي تحب، كطفلتها، فهي أو أنا كلانا مقهورة من سلطة رجل، أو تقليد وضعوه لنا منذ القدم، أو سلطة دولة، و قوانين و أعراف و أديان قولبتنا. سأكونها حتى لو صعب على القارئ فهم من هي و من أنا"      (ص: 16، 17).
مع تلك الخلاصات و معطيات هذا الملفوظ ألسنا أمام ميثاق نص روائي، مستند في شكله و بنائه على إسهام تجريبي واضح، و في محكيه على مادة تخييلية تتغذى من الواقع عبر صهر تجربة جيل أو نوع بأكمله؟
أما تصريح الساردة/ الكاتبة في نهاية نص "ما قبل البوح" و الذي تقول فيه " أكرر، لست كاتبة رواية، و قد لا أجيد فنها، إنما أنا امرأة تبوح بما عانت و عانين من عرفتهن لا أكثر"، فلا يعدو، و معه العتبة التي على الغلاف، إلا أن يشكل بعض ملامح التجريب في "هروب الموناليزا"، إنه حيلة فنية للإيهام بواقعية المحكي الذي يقص سيرة القهر السياسي و الاجتماعي و الثقافي في العالم العربي و الإسلامي من وجهة نظر امرأة/ نساء عبر مسارات تحررهن.
و في السياق نفسه، و إذا كانت الكاتبة لا تجيد فن الرواية، لم تحدث نص سيرتها الذي يحمل عنوان "محطات من السيرة الذاتية"، و الذي أدرج بالكتاب مباشرة بعد التوقيع الزمني لانتهاء كتابة "هروب الموناليزا"، عن انهماكها في كتابة روايتها الأولى.
ثم إن هذا النص يثير الإشكال نفسه من زاوية أخرى، ذلك أننا أصبحنا أمام نصين يتم تقديمهما على أنهما سيرة ذاتية. لكن مقارنة بسيطة لبعض معطياتهما، كفيلة بأن تؤكد أننا أمام نص روائي. نص روائي مذيل بتعريف لكاتبته:
نص "هروب الموناليزا"    نص "محطات من السيرة الذاتية"
•    العلامة الإسمية للبطلة/ الساردة: موناليزا سامي الخطيب    •    العلامة الإسمية للمعرف بها: بلقيس حميد حسن
•    حكي عن حب سومر للشعر و لأبيها الذي كان يلقنه إياها    •    حديث عن حب بلقيس للشعر و لأبيها الذي كان يلقنه إياها.
•    هروب موناليزا من العراق إلى سوريا    •    الهروب كان أولا إلى لبنان ثم سوريا

تلك إشارات دالة على أننا أمام رواية و ليس سيرة ذاتية. رواية كاملة الخلق و إن تغيت المغايرة. ذلك تحديدا ما تحدثت عنه الكاتبة نفسها في مقالتها المنشورة بموقعها على الأنترنيت تحت عنوان             " وقائع عن هروب الموناليزا"، تقول:
"كنت و أنا أكتبها قررت أن تكون نوعا من الرواية لا يمت بصلة و شبه لكل ما قرأت من الروايات، أردت خلقا جديدا يتناسب مع الرسالة التي كتبت بها و ناضلت من أجلها و ضحيت كثيرا.."
عند العتبات من الخارج/ من النص إلى الواقع
هل تذكرون محكي التطرف و القتل الهمجي الغادر.. و الشهادة؟
في الوتر الشهيد ـ و هو من الأوتار المتعلقة بسومرـ  (ص: 261) حكت موناليزا سامي الخطيب قائلة:  " في ذاك اليوم ارتسمت البهجة على وجهها و هي ترى الموسيقى تصدح في حفلة عرس لم تكتمل. لحظات معدودة، عجلة، غبية، شريرة، قصيرة، مغلوطة، مقلوبة على الزمن، مشوهة و حقيرة، لحظات بها يدوي انفجار همجي. انفتحت أبواب الرعب و النار و الدماء. تمزقت أشلاء الناس، تطايرت الطفلة لقاء قطعا معجونة بدماء سومر."
لقد وقع في اليوم نفسه مثيل هذا الحدث بثلاثة فنادق بعمان أحدها فندق إسمه "الراديسون ساس"..
و إذا كان من بين ضحايا فندق النص فنانة موسيقية جميلة هي سومر و ابنتها التي كانت تعد بذكاء المتفوقين.. فقد لا يغيب عن الذكر أيضا أنه كان من بين ضحايا فندق الراديسون فنان سينمائي مبدع هو مصطفى العقاد و ابنته أيضا.
كان الجمال و الفرح، إذن، أبرز ضحايا الحدث الغاشم بالفندقين.. و إذا كانت حفلة العرس لم تكتمل بفندق النص.. فهي لم تكتمل أيضا بالفندق الآخر، سوى أن الزواج قد تم فعلا بعد ذلك؛ إذ أن يد الجهل القاتل لم تطل العروس و العريس..
و حسب عدد 13 مارس الجاري من يومية "الدستور" الأردنية، و في ذكرى الحادث في مثل يومه، أعلن كل من  العروس "نادية العلمي" و العريس "أشرف دعاس" أنهما رزقا بطفلة أسمياها "هالة"..
إنه المستقبل الذي لن يكون أبدا من بين الضحايا ما دام هناك حب و وفاء..
فهل تكون سومر هي الصديقة الشهيدة "موناليزا أمين" أو "أنسام أمين منشد" (الإسم الحقيقي)؟
بصيغة أخرى ممعنة في التخييل:هل تكون سومر هي عراق الحضارة و الحاضر الشهيد؟
عندها متى تعود "موناليزا سامي الخطيب"؟