نافذة

التيارات والاحزاب الليبرالية صارت لاتهتم لابراز دور المرأة Print

التيارات والاحزاب الليبرالية صارت لاتهتم لابراز دور المرأة

 

اجرى اللقاء : مازن لطيف علي
 


ان احد اسباب تراجع وتخلف مجتمعاتنا هو تهميش دور المرأة التي هي اصل ونواة الأسرة التي يتكون منها اي مجتمع , بل ويقاس تحضر المجتمع على ضوء مستوى المرأة ومساهمتها في بناء ذلك المجتمع,هكذا ترى الشاعرة والكاتبة بلقيس حميد حسن التي نشأت في وسط عائلة شعرية حيث كان والدها عبد الحميد السنيد شاعرا يلقنها وأخوتها الفية بن مالك وبعض عيون الشعر العربي,
منذ صغرها تكتب الشعر حتى حازت على جوائز عدة وهي لم تزل طالبة في الثانوية
صدر لها حتى الآن:
- إغتراب الطائر باللغة العربية في عام1996 ( دار السندباد سوريا ) والذي ترجم الى اللغة الهولندية كأول مجموعة شعرية لأ مرأة عربية حيث صدر باللغتين العربية والهولندية عام 1998 وقد نفذت الطبعة من الأسواق في العام الأول لصدورها
- مخاض مريم باللغة العربية في عام 1997 ( دار الطليعة الجديدة سوريا) وترجم من قبل ك.نايلاند وهو بروفيسور مستشرق في جامعة لايدن والترجمة الآن تحت الطبع
- المجموعة الثالثة بعنوان (أجمل المخلوقات رجل) لازالت لم تطبع بعد بسبب ظروف حياتية معينة
- منهمكة بلقيس الآن بكتابة روايتها الأولى ولديها ديوان شعر جديد تهيئه للطبع.
- تتميز بلقيس بحافظتها الشعرية النادرة وبطريقة القائها الخاصة والمعبرة .


• هل وصل تأثير الحركة النسوية المطالبة بأخذ المرأة دورها ومكانتها في المجتمع الى الدول العربية ؟

ان المرأة العربية بدأت قبل اكثر من مائة عام تطالب بأخذ دورها ومكانتها في المجتمع بل هي أسست التنظيمات الاجتماعية والثقافية لهذا الغرض وطالبت حتى بالمساواة مع الرجل , ومن النساء الرائدات في هذا المجال هدى شعراوي التي اسست جمعية لرعاية الاطفال عام 1907 والتي نجحت عام 1908 في اقناع الجامعة المصرية بتخصيص قاعة للمحاضرات النسوية.كما شاركت ودعت النساء لتظاهرات عام 1919وفي عام 1923 اسست الاتحاد النسائي المصري , وكذلك برزت زينب فواز وهي من اصل لبناني عاشت في الاسكندرية والفت كتاب "الرسائل الزينبية" طرحت فيه حق المرأة بالتعليم والعمل وغيرها من مطالب المراة لتحسين اوضاعها وكانت بذلك من الرواد حتى انها سبقت قاسم امين في دعوته الى تحرير المرأة من اغلال الجهل والتخلف. لقد بدأت المرأة العربية بنضالها لاكتساب حقوقها او مساواتها مع الرجل منذ اكثر من قرن من الزمان وللاسف كل الانتكاسات والمشاكل السياسية كانت تعرقل مسيرة ونضال المرأة وتؤجل مطاليبها بحجة ان هناك ما هو أهم في حين ان احد اسباب تراجع وتخلف مجتمعاتنا هو تهميش دور المرأة التي هي اصل ونواة الأسرة التي يتكون منها اي مجتمع , بل ويقاس تحضر المجتمع على ضوء مستوى المرأة ومساهمتها في بناء ذلك المجتمع, ان تدخل الدين بالدولة وحشر رجال الدين انوفهم بالسياسة ووقوفهم ضد حقوق المرأة وأخذها حقوقها بحجة المحافظة على الدين هو اليوم اهم العراقيل التي تؤخر المجتمعات العربية عن الركب الحضاري لبقية المجتمعات في العالم ولابد هنا من ان نتوقف عند تجربة المرأة العراقية في النضال حيث اسست منظمات دافعت عن حقوقها بتنظيم رائد عام 1952 باسم رابطة الدفاع عن حقوق المرأة , وقد حصدت نتيجة نضالها عام 1959 ان اقرت حقوقها في قانون الاحوال الشخصية الذي ساواها انذاك بالرجل, وللاسف لم يدم ذلك طويلا اذ انتهى بمجيء عصابة البعث بانقلاب 8 شباط عام 1963 المشؤوم الذي اجهض نضال المرأة وابعدها عن الساحة السياسية والثقافية مرة اخرى .


• نلاحظ ان المرأة دائما قليلة التواجد في الساحة الثقافية ؟

ان هذا السؤال يوجع اكثر من كل الاسئلة , لان واقع العراق الثقافي على مدى اكثر من ثلاثة عقود, والاحداث السياسية التي مر بها العراق من حروب وطغيان ديكتاتور حاول ان يدمر روح الابداع العراقي بمسخ الثقافة لصالح التطبيل والهتاف لشخص الديكتاتور, وعصابة الديكتاتور , وصورة الديكتاتور ,وابتسامة الديكتاتور والحصارات والمقابر والموت الجماعي التي مرت بها مدن العراق وتجمعاته البشرية من الشمال الى الجنوب وبكل مكوناته , كان قد غير التوازنات الثقافية بالمنطقة , فبدلا من ان يكون العراق كما السابق شعب الثقافة والقراءة حتى قيل سابقا بان مصر تؤلف ولبنان تطبع وبغداد تقرأ , اصبحنا الان نعجب من المستوى البائس الذي خلفه زمن صدام وان كانت هذه فقط جريمة صدام بغض النظر عن حروبه وجرائمه لبقي ذنب هذا الطاغية لايغتفر, اذ أعادنا ثقافيا الى الوراء مائة عام او اكثر , وارى ذلك واضحا من خلال لغة واسلوب العراقيين من اعلاميين مراسلين ومذيعين وحتى بعض المهتمين بالثقافة على الفضائيات وعدم قدرتهم حتى على التعبير بلغة عربية سليمة , والتردد والتلعثم بالكلام الذي لازال يطبع شخصياتهم لما رأوه من الرعب الصدامي لسنوات طوال . من هنا أقول ان ابتعاد المرأة العراقية عن الساحة الثقافية هو اولا نتيجة تراجع وابتعاد عام للثقافة العراقية, اذ كان كل شيء ممنوعا الا التغني بالطاغية , وفي كل فترة حكم صدام حاول تشجيع واشاعة الافكار البدوية الضيقة للثقافة اولا والنظرة المتخلفة للمرأة بخاصة بعد حملته الايمانية المزعومة , اضافة الى ان مارأته المرأة العراقية من الهول واليأس والقهر مالايوجد بتاريخ البشرية فلو احصينا نسبة الايتام والارامل والعوانس والمعاقين والمرضى النفسيين نتيجة الظروف القاهرة لارتعبنا ولأصبنا بالاحباط ,فللانسان قدرة محددة وليست خارقة على التحمل والمرأة العراقية تنوء بشتى انواع العذابات ولم يختلف واقعها – للاسف- بعد سقوط النظام بل , زاد الارهاب من الموت اليومي وزاد التعصب الديني والطائفي من ابتعاد المرأة ليس عن الساحة الثقافية انما عن نور الحياة ودخلت للعراق عادات دخيلة علينا باسم الدين ولم يكفهم الظلام الذي تعيش به نتيجة الظروف القاهرة انما انتشر تحجيب المرأة ونقابها وحاولوا ان يكون الشارع للرجل فقط وعانت الطالبات من الايذاء في الجامعات ومراكز العمل , فكيف بعد كل هذه المصائب ان نريدها ان تحتل الساحة الثقافية ومن يتركها بعد ان اصبح وجودها في الاماكن العامة ودور الثقافة نشازا بل ومنظور له بريبة وعدم ارتياح واصبحت المرأة عورة عند المتشددين المتخلفين الذين يتزايدون يوميا بسبب التراجع في كل شيء , لقد اصبح خروجها للشارع مجازفة قد تودي بحياتها احيانا , فماذا ننتظر بعد كل هذا ؟مع اننا لو عدنا الى مساهمة المرأة العراقية بالثقافة والابداع لعدنا الى نهاية الاربعينات حيث اول قصيدة شعر حر لنازك الملائكة وهي قصيدة الكوليرا التي اعتبرت فتحا جديدا في عالم الادب سجل للمرأة العراقية لنفتخر به , ولكن يؤلمنا ان هذه الانطلاقة لم تترك ولم تتطور بل اجهضت وحاول ايقافها عند حدها لصالح الافكار المتخلفة في مجتمع ذكوري لايريد للمرأة الريادة واحتلال الساحة الثقافية .
والمؤلم اكثر ان حتى التيارات والاحزاب الليبرالية صارت لاتهتم لابراز دور المرأة وهناك تهميش لنا نحن النساء في المؤتمرات والمهرجانات والمحافل الثقافية , لاادري لمصلحة من تهمش المثقفات الليبراليات حتى من قبل المثقفين الليبراليين , هناك سر لاافهمه ولم يجبني عليه احد :
لماذا نهمش , ويبعد صوتنا في العديد من النشاطات والفعاليات ؟ رغم ان من المفترض التركيز على دور النساء الناشطات والمثقفات والقادرات على التأثير لمصلحة المجتمع ككل , لقد مضى زمان الطاغية الذي قهرنا وياتي اليوم من يقهرنا من قبل كل الاتجاهات .
الظاهر ان الجميع ليس جادا في بناء عراق جديد , وها انني المس دليلا دامغا وهو الحملة التي طالبنا الحكومة بها بالغاء العمل بقرار عدم منح الجنسية للمراة العراقية الا بموافقة ولي الامر, منذ يوم 25-4-2007 حتى اليوم واعداد الموقعين على الحملة لم يبلغ الالف , فاين الجدية بتغيير الاوضاع , ولو احصينا عدد الليبراليين والعلمانيين الرافضين لهذا القرار في الخارج والداخل لعرفنا انهم بالملايين لكن هناك يأس من التغيير تمكن من الناس, وهناك حزازات شخصية بين المواقع الالكترونية والصحف وصراعات تنعكس على الاهداف الوطنية العامة , وقد ارسلت الحملة لكل المواقع العراقية لكن الذي نشرها موقعين فقط .
من هنا تأكد لي ان المرأة ستكون لسنوات مقبلة مع الاسف ليست فاعلة ولامؤثرة الا نادرا , اذ لايراد لها ان تكون انسانا بناءا للاسباب التي ذكرتها سابقا..

• نجحت المرأة العربية بدور الام ولم تنجح بدور الصديقة والرفيقة وحتى الزوجة ؟


لماذا لا نقلب السؤال لنقول:
هل ان الرجل نجح في ان يكون زوجا او رفيقا ناجحا ؟ او حتى أبا ناجحا ام لازالت التربية في البلدان العربية للام اكثر ماهي للاب. ومن قال ان المرأة فشلت ؟ وكيف نستطيع اثبات ذلك بشكل فعلي؟ وهل لدينا احصائيات تثبت هذا القول ؟ بل لماذا نحمّل المرأة التي هي في مجتمعاتنا تابعة للرجل مسؤولية فشل العلاقة معه ؟ وهي رافقت الرجل في كل ظروفه الصعبة التي تمر بها البلدان العربية , وكل المآسي التي يعانيها الرجل تقع عليها مزدوجة , ثم ان المرأة غير حرة لا في نفسها ولا في افعالها , بل هي حتى بالسفر تحتاج الى محرم, وفي الزواج تحتاج وكيل, وفي كل تصرف لها تـُعامل على انها انسان ناقص ,فكيف تريد من العبيد ان يكونوا اصدقاء ورفاق الاحرار وينجحون ؟ وان قلنا حقا انها فشلت فذلك لعدة اسباب منها انها لم تأخذ حقها بالتعليم والثقافة , كذلك التهميش الذي تواجهه من قبل الرجل والمتنفذين في الدول العربية وغالبيتهم من الرجال ,كما اننا نريد من المرأة ان تنجح في ان تكون صديقة وحبيبة لرجل ترسخت في ذهنه منذ قرون فكرة مفادها ان المرأة ناقصة عقل ولابد لها من قائد او معيل كي لاتضيع اي هي غير اهلا للحرية والاستقلال, وهذا غير منطقي ولايمكن ان يكون , كما
ان الرجل العربي غير مالك لحريته في اغلب المجتمعات العربية فهو عبد لحكومات ديكتاتورية وعبد تعاليم وتقاليد بالية , لهذا لايستطيع ان يمنح المرأة حرية هو فاقدها ففاقد الشيء لايعطيه.
اذن متى مااستطاع الرجل ان يتعامل مع المرأة تعاملا حضاريا ويعتبرها رفيقته وصديقته حقا دونما يتصرف بها كمالك سلعة كيفما شاء مستشهدا بآية" الرجال قوامون على النساء "مبيحا بذلك كل ظلم لها كجارية , متى ماتحرر هو من عبودية الانظمة الشمولية , عندها نستطيع ان نناقش هل استطاعت المرأة النجاح بعلاقتها بالرجل كزوجة او صديقة او رفيقة.


• لم تظهر لنا نماذج تحمل افكار مدنية تعالج قضايا المرأة كفاطمة المرنيسي ونوال السعداوي ؟


وهذا دليل آخر على ان المجتمعات التي تتمتع بشيء نسبي من الحرية تبرز بها نساء قادرات على الوصول الى مستويات عالية من النضح في البحث والتعليم والعطاء , لكن مجتمعنا العراقي مع الاسف يحارب المرأة المتفوقة والمبدعة ولدينا امثلة كثيرة على ذلك فأغلب الكاتبات والمبدعات والسياسيات المناضلات عشن مهمشات خارج الوطن , وهذا طبعا لاينطبق على المرأة فقط بل على الرجال حيث كان نظام صدام يتولى مهمة تأخير المجتمع العراقي والوقوف بوجه العقول العلمية والبحوث الاجتماعية , وما نراه الان وبعد سقوط النظام مرعب جدا , حيث يعمد الى ابعاد المرأة ومحاربتها بالجامعات والمؤسسات والشوارع لتتحجب ولتقر في البيوت وتبتعد عن اي دور لها سوى دورها الفسلجي, لتتحول الى الة تفريخ تقوم بالارضاع والطبخ والتنظيف وخدمة الرجل فقط, وللاسف هذا لايخدم تطور المجتمعات ولايقدمه لان الام المتعلمة تنتج جيلا مؤهلا للنهوض بمجتمعه وبلده ولطالما اهترأ على شفاهنا بيت الشعر لامير الشعراء وهو يقول :
ألام مدرسة اذا اعددتـَها ××× أعددت َ شعبا طيب الاعراق
ولكن لا من مجيب ومفتاح النهضة واليقضة بيد الرجل , الحاكم والقائد والسياسي والواعظ والمسيطر غالبا والذي اغلق الباب واحتجز الرهينة , اطلقوها ايها الرجال, حرروها واعطوها ماتستحق من حقوقها كإنسان متكامل لديه من الطاقات ما لاتستطيعونها انتم , فكوا قيودها رحمة بانفسكم وبمجتمعاتكم وسترون انها ستنقلكم الى واقع الجنة الذي تتمنون, كما ان المرأة مخلوق مسالم وطيب لايمكن ان يعطي وينتج في اجواء الرعب والارهاب والمعارك , وحينما في التواريخ السحيقة كانت المجتمعات امومية لم تكن تعرف الحروب فحكمة المرأة التي هي نتاج ماتحمله من حب لاطفالها وحب لحبيبها وللجمال المتمثل بالطبيعة والحياة تبعدها عن اتخاذ قرار الحرب , وقصص الملكات بالتاريخ تعرب عن اختيار النساء للسلام وحقنهن الدماء وعدم المجازفة بارواح الناس وهذه والله قمة الاحساس بالمسؤولية التي يتمناها ابناء اي مجتمع بشري .

14-5-2007