نافذة

نزار الجاف في حوار مع الاعلامية بلقيس حميد حسن Print

نزار الجاف في حوار مع الاعلامية بلقيس حميد حسن


17/09/2006
--------------------------------------------------------------------------------
 
بلقيس حميد حسن: الكثير من حكومات وعقول ومفاهيم رجعية تريد بقاء المرأة كما كانت زمن مجتمع الخيمة والبعير!

ناشطة فريدة من نوعها في مجال حقوق المرأة، شاعرة متمکنة و صاحبة إحساس مفرط في رومانسيته، کاتبة جريئة و مقتدرة وتکتب في مجالات متباينة، هذه الابعاد الثلاثة تلتقي و تداف ببعضها في شخصية السيدة"بلقيس حميد حسن" و تمنحها خصوصية متميزة بحيث جذبت إليها مختلف القنوات الاعلامية. وإذا ما إبتغينا أن نجد لها تعريفا ما، فإنني أراها جديرة بکلمة"النحلة"لأنها ومن خلال نشاطها الدؤوب و المستمر و الفاعل لاتکاد تستقر في مکان ومثل النحلة من زهرة الى أخرى. وعلى الرغم من أهمية و خصوصية البعد "الشعري"لديها، لکننا فضلنا في هذه المحاورة أن نسلط الضوء على إشکالية المرأة و حقوقها لکي نطلع عن کثب على آرائها في هذا الصدد.
ـ النظام الدولي الحالي بکل سلبياته و إيجابياته، هل بالامکان وصفه بأنه الأفضل للمرأة، وهل إن المرأة استطاعت أن تستغني عن عکازة الرجل و تثبت شيئا مميزا من حضورها في السياق الآنف؟
بلقيس: إن النظام الدولي هو مجموعة القوانين والاتفاقيات الدولية الصادرة من الهيئات الدولية الشرعية التي تريد تنظيم علاقات وحياة الناس في العالم , والتي هي عصارة فكر اكبر منظومة في العالم ونتاج تجارب شعوب خاضت غمار حروب ومعارك وتحملت آلام كثيرة ,فكرت ,كتبت , صرخت , قدمت شهداء وأسقطت ديكتاتوريات ونظم سياسية مختلفة وقد ضحى من خلالها آلاف المفكرين الذين احرقوا وسجنوا وقاسوا كثيرا لتثمر نضالاتهم عدلا اجتماعيا تتمتع به الشعوب على هذه الأرض ليعمّروها ويسعدوا دون حروب وقتل وعدا وات ..
هذا هو المفهوم الحقيقي لمصطلح النظام الدولي وهذا هو النظام الذي يسمى بالقانون الدولي والمستمد من المبادئ والقيم الإنسانية النبيلة, والذي لابد من كل الدول التي قبلت به وأقرته ووقعت على اتفاقياته أن تلتزم به وان لا تسن قوانين داخلية تتعارض مع ما جاء به واهم وابرز وثائقه وأقدمها هو الإعلان العالمي لحقوق الإنسان .
إن من المفترض أن يكون القانون الدولي إيجابيا على الدوام لأنه جاء لصالح الإنسان الضعيف والمحتاج , جاء للإغاثة والمساعدة أي لصالح المغلوب على أمره , وجاء لينصف المظلوم من الظالم , فان مبادئ النظام العام كمواد قانونية واتفاقيات دولية لا تسبب ضررا لأحد, , لكن المشكلة هي كيف ومن يستعملها ومتى وأين ؟ إضافة إلى أن مواد النظام الدولي لا تحتوي على مؤيدات جزائية , أي ليس هناك عقوبات مكتوبة ومقرة على من يخالفها, لذا نراها تنتهك باستمرار ويوميا أحيانا من قبل الحكومات المستبدة أو الهيئات ذات السلطة والمصالح والقوة , وقد يصمت أصحاب الشأن بتطبيقها مراعاة لمصالح سياسية واقتصادية وهنا تكمن المشكلة ...
إن المرأة في الغرب استفادت حتما من النظام العام الذي منحها قوة الاستناد عليه كحق وكمرجعية لها في مجمل نشاطات الحياة العامة , وهو ما ساعد مجتمعات الغرب النهوض والبناء بعد الدمار الذي عاشه الغرب بعد الحرب العالمية الثانية , وان مساواة المرأة وإقرار حقوقها بالغرب من أهم أسباب التطور الحضاري والاستقرار في أوروبا حيث شاركت المرأة بصنع القرار انعكس على ثقافة الأجيال ورغبتها بعالم بلا حروب يعتبر حقوق الإنسان أهم مقدسا ته ..
أما المرأة العربية , فعلى الرغم من أن النظام الدولي أعطاها كغيرها من نساء العالم حق المساواة بالرجل, وفتح لها بمواده آفاق الحياة والانطلاق نحو الحرية والتطور , لكنها للأسف لم تستفد منه بسبب من كون جميع القوانين الداخلية للبلدان العربية وخاصة قوانين الأحوال الشخصية مستمدة من الشريعة الإسلامية التي لا تقر مساواة المرأة بالرجل و تتنافى مع ما جاء به النظام الدولي كما أن صمت الدول الكبرى التي لها مصالح اقتصادية مع حكومات الدول العربية نراها تنافق في هذا الشأن ولا تضغط على هذه الدول كي تطبق القانون الدولي بخصوص المرأة بحجة مراعاة حق الشعوب بممارسة أديانها وشرائعها الخاصة بها .. من هنا نرى أن المرأة التونسية هي المرأة العربية الوحيدة التي استفادت من النظام الدولي , حيث ساوت قوانين الدولة المرأة بالرجل مراعاة للنظام الدولي وسيرا على النهج الحضاري الذي تنتهجه شعوب الغرب المتحضر صوب العدالة الاجتماعية وتطبيق مبادئ حقوق الإنسان .
إن المرأة الغربية عموما استطاعت أن تتخلى عن عكازة الرجل كما عبرت عنه بسؤالك , لكن المرأة بمجتمعاتنا الغارقة والمشغولة بالنقاش حول أنواع الاحجبة وأغطية الرأس للمرأة ونقابها وحجبها عن الأنظار, والتي لازالت تعتبرها ناقصة عقل ودين , للأسف لازالت تابعا للرجل , تسير خلفه وعلى بعد مسافة , لاهثة , مرتبكة متعثرة بخطاها لا تعرف من حقوقها شيئا, جاهلة ما يجري حولها وأمية في الغالب , إلا مجموعة حرة منهن , تحسسن الظلم ورفضنه , يواجهنه بشجاعة متحملات الكثير من حكومات وعقول ومفاهيم رجعية تريد بقاء المرأة كما كانت زمن مجتمع الخيمة والبعير ....
ـ قطعا هناك مجموعة تباينات بين المرأة الشرقية و نظيرتها الغربية لعوامل عديدة لسنا في صددها، لکن السؤال هل تسعى السيدة بلقيس حميد حسن کناشطة في مجال حقوق المرأة إلى إيصال المرأة الشرقية إلى ذات المصاف من التقدم أم إن هناک ثمة اختلاف محدد في الأمر؟
بلقيس: لا اختلف عن غيري من النساء الناشطات في مجال حقوق المرأة أسعى إلى حصول المرأة على حقوقها التي أقرتها الاتفاقيات الدولية والإعلان العالمي لحقوق الإنسان على الأقل , وأهم هذه الحقوق هي المساواة وهي قيمة إنسانية نبيلة تناسب كل البشر في كل المجتمعات البشرية , بل هي كفيلة بان تحل الكثير من مشاكل هذه المجتمعات , وقد التزمت بها دول الغرب كما نستطيع نحن الالتزام بها, والمساواة أول مادة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وجاء بها :
1: يولد جميع الناس أحرارا متساوين بالكرامة والحقوق , وقد وهبوا عقلا وضميرا وعليهم معاملة بعضهم بعضا بروح الإخاء. ثم يردفها بالمادة الثانية ليقول :
لكل إنسان حق التمتع بكافة الحقوق والحريات الواردة في هذا الإعلان، دون أي تمييز، كالتمييز بسبب العنصر أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي السياسي أو أي رأي آخر، أو الأصل الوطني أو الاجتماعي أو الثروة أو الميلاد أو أي وضع آخر، دون أية تفرقة بين الرجال والنساء.
طبعا نحن ندرك أن لكل مجتمع خصوصياته وعاداته, وللأسف أصبحت حجة من يقف ضد مساهمة المرأة في الحياة العامة , ويقف بالضد من مساواتها , وهم بهذا يخلطون الحقوق التي نطالب بها بتقاليد مجتمع الغرب, فيعتقدون- جهلا ً - أن مساواة المرأة بالرجل يؤدي إلى الانحلال الأخلاقي ويؤدي إلى الفساد وتفتيت الأسرة , في حين أن ما نراه بمجتمع الغرب- إن كان موجودا - هو خصوصيتهم وتقاليدهم وما عندنا هو لنا , فكما نجد عندنا تقاليد في بعض أمور الحياة احسن منهم, نجد لديهم بعض التقاليد افضل منا , وهذا تنوع طبيعي بين البشر واختلاف أساليب حياتهم , ولا أرى أن حقوق المرأة المقرة في النظام الدولي تتعارض مع خصوصياتنا وتقاليدنا وقد كتب قاسم أمين عن مراعاة حق الشعوب بممارسة أديانها وشرائعها الخاصة بها .. قبل قرن وخمسة أعوام صدر كتابه المهم ويبحث في تحرير المرأة وهو إلى الآن قيد الإهمال الحكومي وكان يرى فيه أن لا تحسين لحال العرب كأمة ما لم يحسنوا من قوانين الأحوال المدنية المتعلقة بالتعامل مع المرأة..وبهذا الخصوص لا أجد بلدا استفاد من هذه النصائح أكثر من تونس ، وهي بلد عربي وإسلامي يساوي المرأة بالرجل منذ سنين طويلة , وعاداته وتقاليده ليست مختلفة بشيء جوهري عن أي بلد عربي آخر , وقد عتق المرأة ومنحها إنسانيتها وساواها بالرجل , وتجربة تونس تجيب على من يكرر حجة "عادات وخصوصية مجتمعنا" هدفا بعرقلة حقوق المرأة ومساواتها بالرجل ..
ـ لنخطو خطوة باتجاه واقع النظام الاجتماعي القائم حاليا في عموم بلدان المنطقة ونستقرأ الوضع بتمعن، هل هناك شئ ملموس تحقق على الأرض للمرأة"ماعدا الحالة التونسية"، إذ لا يخفى عليك أن العديد من حکومات المنطقة تدعي أنها حققت مکاسب محددة للمرأة، کيف ترين ذلك؟

بلقيس: كل الحكومات العربية ترتكب ذنبا وتقصيرا هائلا بفرضها أسباب إعاقة نشاط المرأة وتمكينها،وهي بذلك تكون قد عطلت إمكانيات نصف مجتمعها وسببت فجوة كبيرة لا يمكن سدّها،هذه الفجوة هي ما يحاول أكثرهم معرفتها والبحث عنها بل أن اكثر البلدان العربية تدعي أنها تبحث بجد عن أسباب تأخر هذه الأمة عن الركب الحضاري- وأتحفظ هنا على كلمة أمة لأنها تدخل في سياق الشعارات- وينسون أن نصف مجتمعاتهم غير عامل وغير متعلم بالغالب, كما أن الفارق الثقافي أو العلمي بين الرجل والمرأة في الأسرة الواحدة يخلق مشاكل وارتباكات من عدم فهم الآخر ويؤثر بالتالي على حياة الأسرة ويتعسها, فكثيرا ما نسمع عبارة عدم تفاهم وهذا متأت من فارق التعليم بين الزوجين غالبا, فنسبة الأمية بين صفوف النساء قد تصل في بعض البلدان العربية إلى 70 بالمائة, مع إن الدين الإسلامي قد شجع التعلم لكل إنسان, فلماذا لا يتمسكوا بتعليم المرأة ومحو أميتها كواجب ديني مثلما يتمسكون بحجبها وإبعادها عن الحياة العامة؟
الحق لا يعطى بالتقسيط لأنه مشروع ومحدد،وما ذكرته من مكاسب أقول نعم هناك مكاسب في بعض البلدان العربية ولكنها لا تدخل في سياقات الحرية والتمكين التام الذي نسعى أليه وهي حين تأتي إنما تأتي على استحياء وخجل، إن الزمن كفيل بفتح الأبواب وإلغاء الظلام ولكن التعجيل بهذا دور وواجب كان من المفترض أن لا يكون حكوميا،أزعم أن ثورة المرأة وتحررها تبدأ من إنهاء أشكال الديكتاتوريات السياسية والدينية التي تحاول أن تفرض جبروتها. هذا الموضوع أيضا نسبي فأنا عشت في لبنان في سنوات الحرب الأهلية وعشت في سوريا في زمن من القمع السياسي،وبالمقارنة مع الوضع السياسي كان هناك متنفس هائل للمرأة ربما يكون في شكل من أشكاله متنفسا اجتماعيا يفرضه الواقع الصعب،لكنه بالتأكيد أفضل من أن لا يتوفر أصلا،هذه الفسحة من الحرية تعرضت في لبنان إلى ضغوط دينية عابرة من دول بعيدة،واتخذت أشكالا ومسميات وبدأت تفرض مدوناتها بصيغ حزبية وتنظيمية تواجه فيها المرأة المؤدلجة المرأة الساعية إلى التحرر،بينما تأخذ الدولة دور المتفرج،الحكومة،أي حكومة عربية لا تفعل قرارا ولا تتخذ إجراءً إلا بما يتعلق بمصالح بقائها،وشكل من ديمومتها وبقاءها بقاء المرأة على ما هي عليه.

ـ عراق ما بعد مرحلة البعث، ماذا يمثل بالنسبة للمرأة العراقية و ماذا تستشفين من آفاقه المستقبلية؟
بلقيس: في عراق ما بعد البعث نسعى جميعا كعراقيين عانوا وذاقوا ويلات هذا الحزب الإرهابي إلى تأسيسٍ الدولة المدنية،ومثل هذا التأسيس الواعي والجاد لن يتحقق ما لم يكن مبنياً على عدة قواعد، اجتماعية وسياسية تترابط في هدف وطني واحد يضمنه الدستور،والقوانين المدنية القادمة.
في الحديث عن مكتسبات المرأة في القادم من هذا القوانين والتشريعات لابد لنا من التأكيد أن حرية المرأة هي جزء يناصف حرية المجتمع في مدنية ترتقي بالتنمية الديمقراطية إلى أعلى مراتبها وتكون مساندة لإطلاق التعددية السياسية التي تعتبر بوابة أولى في التنمية السياسية والاقتصادية والاجتماعية الضامنة لتوثيق العلاقة التعاقدية في دستور يشجع على النهوض ويدعم حقوق الإنسان لحماية المكتسبات الديمقراطية وترسيخ النهج الديمقراطي في حياة الإنسان العراقي.
المرأة العراقية أخذت نصيبا دعائيا هائلا في عدد متزايد من المقاعد البرلمانية ونصيب لم يتحقق في أرقى دول العالم من الوزارات التي كان على رأسها امرأة ..ولكن هل كان هذا فعلا أمر يدخل في قفزة حرية المرأة وتمكينها والتنبه إلى دورها وفاعليتها في المجتمع؟..أم هو أمر صوري يراد منه مكسبا سياسيا لا يدرك بسهولة ويسر فاللعبة السياسية العراقية اليوم مختلطة الأوراق بين العلمانية والدينية،ولم تصعد بعد القوى المستقلة التي لا هدف لها سوى تحقيق المجتمع المدني الذي تحدثنى عنه،اعتقد أن هذه القوى ستجد طريقها إلى الواقع العراقي بفعل الأصوات الحرة لعراقيين من الجنسين يتحدثون في الندوات وعلى الفضائيات والإذاعات ويكتبون دون تنسيق مشترك،إنما بفردية وعمل جماعي غير معلن إلا بالحرص الأكيد ودوافع الضمير الثقافي ،ومثل هؤلاء هم ما سنفترض أن نعول عليه في الواقع العراقي القادم.. أيضا المرأة العراقية ألان هي الأكثرية وبما أننا ندعي الديموقراطية فعلينا تثقيف المرأة العراقية لان صوتها هو المغير الحقيقي للحراك السياسي،فهي من سيصوت على حريتها أو اضطهادها،وان كان ثمة أخطاء حصلت فلا أظن أن النساء سيلدغن للمرة القادمة ،الأيام القادمة هي من سيحدد للعراقيين مشروعهم السياسي المستقبلي،والمرأة جزء من هذا المشروع.
ـ يربط الکثير بين مفهوم تحرر المرأة و بين المفهوم التقديسي"إن صح التعبير"للأخلاق، لماذا مثل هذا الربط أو الخلط تحديدا؟ وما هو مفهومك کناشطة متميزة في مجال حقوق المرأة لمسألة الأخلاق؟
بلقيس: المقدس الديني خلق عقدا هائلة في موضوعة المرأة،وهنا لا يمكن استثناء ديانة ما،لأن الجميع حاولوا وضع قواعد ذهبية لإطلاق تنظيراتهم بهذا الشأن. الأخلاق كمصطلح اجتماعي تتحرك في سياق الأعراف والمتوارثات الدينية وهي في غالب الديانات متغيرة وقابلة للنقاش ولكنها في موروثاتنا أصبحت شماعة أخطاء كبرى تتحمل المرأة وزرها وضريبتها وهي من يدفع الثمن في الغالب الأعم أكثر من الرجل،والحديث في هذا الموضوع يضجّ بالشواهد والأدلة اليومية الكثيرة،والأمثلة عن الفضائل والرذائل،ولكن السؤال هو من يحدد هذه الفضائل؟ ومن يرفع التعريفات القديمة التي مضى عليها قرون طويلة،في هذا الصدد بودي أيضا أن انتقد تلك النظرة السائدة الآن عن المرأة في بعض المجتمعات وأسمح لي أن أقارنها بحكايا قديمة حصلت في أوربا،مثلا..وأقول أوربا لأننا لا نختلف على حضارتها ورقيها الاجتماعي الإنساني اليوم،وهذا يعود إلى سبب مهم ،أعتقد انه فاعل ومحرّك في هذا الموضوع لان مرجعيات أوربا كانت مرجعيات علمية،بمعنى إنها خرجت بمرور الزمن على التقاليد والأحكام الناشئة من الأعراف،فأوربا التي تعتبر اليوم قدوة في شأن حقوق المرأة, كان قد عقد فيها وفي فرنسا بالتحديد مؤتمر عام 586 لتحديد فيما لو أن المرأة إنسان أم لا،وهذا الجدل على إنسانية المرأة خرج خلاله المؤتمر بإجماع إن المرأة إنسان خلق لخدمة الرجل!!،هذا التعالي المرعب ينافي قاعدة الأخلاق الذهبية في المساواة بين الخلق،هذا الأمر انتهى في أوربا تماما،وحقق للمرأة حقوقها،وحررها من لعنة الأخلاق التي تسمح للآخرين بالتعامل بدونية منصوص عليها قانونيا في بعض البلدان العربية حتى هذه اللحظة،والأمثلة تحتاج مجلدات طويلة لسرد قوائم قتل الشرف المشرّع عبثا بقوانين الدول العربية،أضاف لها نظام صدام من تطرّفه قانونا يبيح قتل الأم وفق مبررات غسل العار والشرف وغيرها من حجج الرعب الواهية،لينتهك قاعدة الدين الأخلاقية إضافة إلى كل قواعد العرف والقانون.
باختصار موضوعة الأخلاق تحتاج إلى نقاش وفق حقوق الإنسان ومثالها العلمي العالمي،وليس مرجعيات موروثة تهدم أسس المجتمع المدني.

ماهي نظرتک للتجربة الکوردية في إقليم کوردستان العراق من زاوية دور المرأة فيها؟

بلقيس: إن التجربة الكردية تجربة مهمة ومن الضروري التوقف عندها كثيرا بسبب من أن الشعب الكردي قد نهض من بين الحرائق ومن بين آلاف الضحايا والقهر الذي تعرض له عبر حكومات ديكتاتورية وقومية متعصبة توالت على العراق وكان الشعب الكردي أول ذبائحها والمرأة الكردية يقع عليها العبء الأكبر من كل ما تعرض له الشعب من حروب وحرائق وقتل ودمار لقراه التي محت طغمة صدام الكثير منها بجرائم إبادة جماعية لا بد وان يسجلها التأريخ كنقط سوداء بتأريخ البشرية كما جرى في هيروشيما وناكزاكي , لان حلبجة كانت قد اغتيلت بلمحة بصر كهروشيما , كما أن جريمة الأنفال لا تقل عن الجرائم الكبرى ضد الإنسانية حيث راح ضحيتها عشرات الآلاف من أبناء كردستان . وحينما تنهض الشعوب من الأنقاض يكون الدور الفاعل للمرأة هاما وضروريا ليبدأ بناء الأساسيات من جديد , وهذا ما حصل في كردستان , واعتقد أن كردستان قد خطت خطوات مفرحة نحو بناء مجتمع منفتح بإرادة أبناءه الذين صمموا أن يبنوا مجتمعا حضاريا سائرا نحو التطور والنمو رغم كل الصعوبات التي تواجهه من جيران حوله أو من جماعات دينية متطرفة أو قومية متعصبة لا تريد لهذا البناء أن يعلو ويتكامل..
ـ کيف ترين وضع المرأة الکوردية في ظل التجربة السياسية في إقليم کوردستان؟
بلقيس: ان وضع المرأة الكردية في كردستان اليوم تتمناه الكثير من النساء في بلدان عديدة في المنطقة كانت بها المرأة منذ اكثر من مائة عام تناضل من اجل كسب حقوقها سياسيا واجتماعيا , فالمرأة في كردستان اليوم لها الدور الطليعي والرائد رغم حداثة التجربة ورغم أن المجتمع الكردستاني كان طوال عشرات السنين من حكم البعث محروما من الاستقرار والتعليم . وبما أن نضال المرأة الكردية تميز بحمل السلاح أسوة بالرجل , أي أنها لم تدخر منذ سنوات القهر والمقاومة أي أسلوب للنضال مهما كان عسيرا لهذا لابد من أن تقطف ثمار نضالها الذي قدمت به تضحيات عديدة , وهذا ما حصل فهي اليوم تتجاوز العديد من بلدان الشرق التي كان للمرأة بها باع طويل بالنضال من اجل نيل حقوقها , فالمرأة في البلدان العربية اليوم كمصر مثلا والتي تأسست بها منظمات نسوية منذ بداية القرن الماضي وبرزت بها شخصيات نادت بتحرر المرأة ومساواتها منذ نهاية القرن التاسع عشر, ألا أنها لم تنل ربع ما نالته المرأة الكردية من حقوق سياسية واجتماعية منذ تحرر كردستان من قبضة نظام صدام , بل لازالت المرأة في مصر وسواها تعامل على أساس أفكار وتقاليد بالية وقوانين مخجلة لا تحترم آدميتها . وهذا يعني أن المرأة الكردية بنضالها وتضحياتها الجسيمة استطاعت أن تطوع الصعب للحصول على حقوقها بظل ظروف عسيرة جدا , من هنا يكون لنا الثقة بالمرأة الكردية اكثر لنيل مكاسب متزايدة وبلوغ المكانة المرموقة في المجتمع, واعتقد اليوم أن ألد أعداء المرأة إن كان في كردستان أو سواها من بلدان الشرق هو الفكر الديني المتطرف الذي لابد وان تتنبه له المنظمات والمؤسسات النسوية لتضع ببرامجها أسسا للوقوف ضد تزايده وانتشاره والتثقيف بخطورته على المجتمعات حيث يهدف هذا الفكر إلى تقويض الحضارة البشرية والعودة بنا لفكر وتقاليد القرون الوسطى ..